​​​​​​​أحمد دحبور: حكاية الولد الفلسطيني

لأن الورد لا يجرح

قتلت الورد

لأن الهمس لا يفضح

أعجن أسراري بلحم الرعد

أنا الولد الفلسطيني

أنا الولد المطلُّ على بلاد القش والطينِ

خبرت غبارها، ودوارها، والسهدْ

ويوم كبرت قالوا: لم يزل ولدًا، وقالوا: قد..

وفي المرآة أضحكني خيال رجالنا في المهد

وأبكاني الدم المهدور في غير الميادينِ

– تحارب خيلنا في السند

ووقت الشاي.. نحكي عن فلسطينِ –

ويوم عجزت أن أفرح،

كبرت، وغيرت، لي، جلدها الأشياء

تساقطت الجراح على الربابة فانبرت تصدح

بلاد الله ضيقة على الفقراء

بلاد الله واسعة.. وقد تطفح

بقافلة من التجار.. والدشمان.. والأدباء

– أيأمر سيدي فنكتب عن أهل الجوع والأعباء؟

أتقذفهم.. ومن يبقى ليخدمنا؟

– إذن نصفح

ويوم كبرت لم أصفح

حلفت بنومة الشهداء.. بالجرح المشعشع فيَّ: لن أصفح.

أنا الرجل الفلسطيني

أقول لكم: رأيت النوق في وادي الغضا تذبح

رأيت الفارس العربي يسأل كسرة من خبز حطينِ

ولا ينجح..

فيكف، بربكم، أصفحْ؟

أنا الرجل الفلسطيني

أقول لكم: رأيت السادة الفقراء

وكان الجوع يشحذ ألف سكين

وألف شظية نهضت من المنفى تناديني: 

– غريب وجهك العربي بين مخيمات الثلج والرمضاء

بعيد وجهك الوضاء.

– فكيف يعود؟

– بالجسد الفتي نعبِّد الهيجاء

سنرفع جرحنا وطنًا ونسكنه

سنلغم دمعنا بالصبر، بالبارود، نشحنه

ولسنا نعبد الآتي.. ألم ترنا نكوّنه؟

– جياع نحن..

– طاب الفتح أن الجوع يفتنه

– جياع نحن..

– ماذا يخسر الفقراء؟

إعاشتهم؟ مخيمهم؟ أجبنا أنت ماذا يخسر الفقراء؟

أنخسر جوعنا والقيد؟

أتعلم أن هذا الكون لا يتهم بالشحاذ والبكّاد؟

أتعلم أن هذا الكون بارك من يرد الكيد؟

– علمت..

– إذا؟

– ليغل وطيسنا المخزون في كل الميادينِ

لتغل مخيمات القش والطينِ

أنا العربي الفلسطيني

أقول، وقد بدلت لساني العاري بلحم الرعد:

ألا لا يجهلن أحد علينا بعد

حرقنا، منذ أربعة، ثياب المهد

وألقمنا وحوش الغاب مما تنبت الصحراء

رجالًا لحمهم مر، ورملًا عاصف الأنواء

وأما ليلة جنّت.. أضاء الوجد

وقد تعوي الثعالب وهي تدهن سمها بالشهد:

– صغار.. عظمهم بغو.. بدون كساء

أيحتملون برد الليل.. هل نصر بهم يحرز؟

أجل.. ويضيء هذا النصر في الطرقات والأحياء

أجل.. ونهارنا العربي مفتوح على الدنيا.. على الشرفاء

لأن الكف سوف تلاطم المخرز

ولن تعجز

ألا لن يجهلن أحد علينا بعد.. أن الكف لن تعجز. 

*الترا صوت