نور صلاح الدين: حياة البرزخ

أتكئ بجذعي على البناء الاسمنتي الذي يرتفع نصف متر عن الأرض وأنا أعقد ذراعيّ خلف رأسي. آخذ نفساً عميقاً.. عميقاً جداً. لا أشتمُّ أي شيء، صدري لا يعلو أبداً.. لم اعتد عليه هكذا، ساكناً.. أكرر المحاولة مجدداً، هيا يا أنفي.. يمكنك الشمُّ حتماً، لابد أن هذا المكان يعبق برائحة الطين، أو الأعشاب الرطبة، أو اللحم المتحلل، أو العظام المفتتة، أو جميعها معاً. يمكنني تخيل هذا بوضوح في عقلي، لكنني مع ذلك لا أشم. لا أدري لمَ أفتقر إلى هذه الحاسة بالذات، ما زال يمكنني لمس الأشياء، أقضي وقتاً طويلاً من يومي في تحسس سيقان أشجار الطقسوس الضخمة، ومحاولة جرح أصابعي بنتوءات لحائها وكلّي أمل في أن أرى بعض الدماء. ما زال بإمكاني أن أسمع أيضاً، صوت الرياح والطيور ومعول حافر القبور وهو يخترق الأرض الصلبة كل فترة ليفسح المجال لجثة أخرى. وبالطبع أستطيع أن أرى. أرى شواهد القبور المنتصبة أمامي والسماء الواسعة التي تشعرني بالرغبة في الانكماش أكثر وأكثر، وأرى –من حين لآخر- الزوار والمعزّين وهم يوارون أحبائهم تحت التراب، أو يبكون على من واروهم تحت التراب قبل زمن. لماذا الشمّ اذاً؟ لابد أنها الحاسة الأكثر حساسية، التي تتبخر على الفور ما إن تتوقف الدماء عن الجري في عروقك. لابد أنها حاسة عظيمة جداً وحيوية جداً بحيث لا يمكن لميتة مثلي الاحتفاظ بها في حياة البرزخ….

أذكر كل شيء تقريباً من حياتي السابقة، كل شيء عدا الأشياء التي لم تكن مهمة يوماً رغم أننا نعطيها أهمية كبيرة، كالبلد الذي أعيش فيه، اللغة التي أتحدثها والدين الذي أنتمي إليه مع ما يبدو في ذلك من تناقض. أذكر ما هو مهم للغاية، كل أولئك الذي أحببتهم، كل الأحلام التي حلمتها، كل الأخطاء التي ارتكبتها والإنجازات التي حققتها، كل ضحكة ودمعة ولحظة امتلاء ورغبة في الموت وقطرة عرق ورائحة وطعم ورعشة وعناق حميم. أذكر كل شيء ولا يسعني الا أن اشعر بالحزن والشفقة على نفسي، والسعادة والراحة في نفس الوقت. لقد عشت حياةً ثريةً حقاً، رغم قصرها. قضيت كل لحظة فيها ممتلئة بالمشاعر والأفكار والتوهج، لقد عشت كما يجب، وكما أستحق. لا أملك شيئاً أتحسر أو أندم عليه. أنا جاهزة للعبور إلى الجانب الآخر الآن يا إلهي.. خذني!

لا؟

تباً! ظننت أن التظاهر بالاقتناع بهذا الكلام التافه الذي أسمعه في الأفلام سيجعلني أخرج من سجني. لماذا أبقى حبيسة في مقبرتي بحق الله! أين النعيم؟ أين الجحيم؟ أين العدم حتى؟ لقد مللت وأنا أتجول بين القبور ليل نهار، وحيدة وغير مرئية ولا مسموعة. أين بقية الموتى؟ كيف يعبرون إلى الحياة الأخرى من دوني! حتى أولئك الذين دُفنوا بعدي لم أرهم قط، أنا بمفردي تماماً. كنت لأشعر بالوحدة الآن، لكني على ما يبدو لم أفقد شمي فحسب، بل فقدت القدرة على الشعور أيضاً، كل ما يدور في عقلي هو أفكار وذكريات ورغبات مبهمة ربما، لم يبق لي من المشاعر سوى البدائية منها كالخوف أحياناً والخواء على الدوام. مرّرت يدي ببطء على سطح القبر المجاور لقبري، كانت تغطيه طبقة من الغبار وبعض الحصى الصغيرة. قبرانا هما الوحيدان اللذان يملكان أساساً اسمنتياً يرتفع عن سطح الأرض فيما دفن بقية الميتين في هذه المنطقة الريفية تحت الأرض فحسب، وبشواهد من صخر حُفرت عليها أسمائهم وتواريخ ميلادهم وموتهم بصعوبة. أما نحن، أنا وساكن هذا القبر، فإنا مختلفين. كلانا كان بطلاً قومياً، كلانا التحق بجيش البلاد ومات حاملاً راية ما في جبهة حرب ما. تُزيّن قبرينا الأعلام الملونة وأوسمة الشرف وتتكدس عند قاعدتيهما زهور الأقحوان والفوانيا والقرنفل والخشخاش وعباد الشمس التي يتم تجديدها وتبديلها باستمرار. أعرف أسمائها كلها وإلى ماذا ترمز بالضبط لأنني كنت اختارها بنفسي في السابق لأضعها بعناية عند قبر جاري هذا بالذات. هنا حيث يرقد مثلي الأعلى، هنا حيث يرقد أخي الأكبر…

تجمعت الغازات فجأة لتصنع ضباباً كثيفاً أخضر اللون يغلّف المقبرة كل ليلة عندما يغادر حافر القبور إلى بيته. لا أدري ما السبب في هذا فلا شيء يحدث على الاطلاق طوال الليل، وعندما توشك الشمس على الإشراق يعود الضباب لينقشع مرة واحدة أمام عينيّ. كان هذا يخيفني كثيراً في السابق، أذكر أول ليلة لي هنا وكيف أمضيتها كلها في البكاء والارتجاف والطرق بقوة على قبر أخي كما لو أنني أحاول استدعائه. وعندما هبط عليّ هذا الضباب الأخضر المقرف من اللامكان شعرت بقلبي يسقط في معدتي وأنفاسي تضطرب رغم أني لا أتنفس. ما زلت خائفة في الواقع، لا أنكر ذلك، ولكن لسبب مختلف تماماً.. أنا في الحقيقة لا أشعر أني ميتة على الاطلاق، وهذا يخيفني. أفكر دائماً بأن هذه المرحلة من “حياتي” ستنتهي قريباً وسأعود للعيش بنفس الطريقة. سأرى أمي وأبي وخطيبي وأصدقائي ورئيس الفرقة 17 الغاضب. سأقضي بضعة أيام في المشفى لأعالج جراحي ثم أعود لأحمل السلاح وأدافع عن سيادة بلادي في مكان ما من العالم، بعد أن اطبع قبلة على جبين أمي وأخبرها انني سأكون على ما يرام، وأنها وأبي لن يضطرا لدفن طفل آخر من أطفالهما مبكراً. ثم وبعد بضع سنين من العمل الجيد سأترقى إلى منصب أقل خطورة واستهلاكاً، وسآخذ إجازة طويلة لأتزوج من الرجل الذي أحبه وأنجب طفلاً واحداً فقط أسميه تيمناً بأخي العزيز حتى وإن كان فتاة، فاسم ” تشارلي” يليق بالجنسين. ما رأيك بهذا يا تشارلي؟

*انظر إلى القبر الاصم* ايهما تفضل؟ ولداً أم بنتاً؟

 استلقيت على قبري وأغمضت عينيّ بعد أن تأكدت من أن أخي لن ينهض من مرقده هذه الليلة ايضاً. لا أستطيع النوم بالطبع لكنني أحاول فعلها دائماً، أيّ شيء يثبت لي أنني ما زلت حية، أنني سأعود قريباً. تمكنت ذات مرة من تغييب وعيي قليلاً، للحظات فقط. شعرت أنني نمت حقاً. أتعرف ذلك الشعور؟ عندما تكون جالساً تذاكر مثلاً، ولا تكتشف أنك غططت في النوم إلا عندما تستيقظ لتجد أن رأسك فارغ تماماً لوهلة، ثم تبدأ المعلومات المشابهة لـ: من أنت؟ وماذا تفعل؟ بالوفود إليه. عندما مررت بهذه التجربة شككت في أنني ربما أكون – في أحسن الأحوال- حية بشكل أو بآخر. في غيبوبة مثلاً؟ هذا سخيف، أنا أعلم. لست جاهلة بالفيزيولوجيا لأنكر أن قلبي غير النابض وجلدي الشاحب المتجمد ورئتاي اللتان لا تمتلآ بالهواء أبداً خير دليل على أنني ميتة لا محالة. لست جاهلة، ولكني فقط محبطة. لماذا وصل بي الأمر الى هنا؟ أيعقل أنني انتهيت هكذا! جندية عشرينية واعدة قضت نحبها على يد المتطرفين بعد بضع جولات من التعذيب والاغتصاب. هذا سيء، سيء ولا يليق بي. لا يليق بكل تلك الأحلام التي حلمتها والأهداف التي نصبتها والحياة التي رسمتها لنفسي.

 اوه.. اوه ..ما هذا ! ما هذا الذي يحدث!

تكوم الضباب حولي ليغطيني بالكامل، لم أعد أستطيع ان أرى الأفق ولا أصابع يديّ. شعرت به يلفني ككيان بأذرع عريضة ويجذبني بقوة إلى صدر واسع. أخذت نفساً عميقاً رغماً عني ولم أتصور قط أنني سأشم هذه المرة. شممت رائحة لم أصادفها من قبل أبداً في عالم الأحياء وأنا أدرك لماذا. شيء بهذه العفونة لا يمكن أن يوجد بجوار كائن يحتاج التنفس لينجو. أغلقت أنفي وفمي بيدي ولكن لا فائدة، لقد تغلغل هذا العطر المرعب إلى جيوبي الأنفية ومحجريّ وحلقي وثنايا عقلي، لا فكاك منه الآن. أنه يثيرني ويسيطر عليّ بشدة كما لم تفعل الغازات السامة والمسيلة للدموع، وغازات الضحك وغازات الأعصاب ورائحة الأجساد المحترقة، والكبريت والجاز والبارود وكل بخار قوي استنشقته من قبل. سحقاً إنه أسوأ منهم مجتمعين! والشيء الوحيد الأسوأ منه هو ما جلبه إلى داخلي معه. شعور فظيع شعرت به وأنا التي لم أشعر بالأشياء حقاً منذ أن مت. مزيج مجنون من الحزن والجزع والكراهية الخالصة، كلها كانت مترسبة في قلبي لحظة موتي وقد خرجت إلى السطح الآن، كل هذا الألم والعجز والمشاعر المقيتة.  يا الهي! هل كانت ذكرياتي حقاً بهذا السوء؟ هل كانت حياتي بهذا السوء؟ آخر يوم لي كان سيئاً بالفعل، كنت ملقاة على أرضية زنزانة في إحدى معتقلات العدو. كانت كل بقعة في جسدي تنضح من الألم عندما فرغ مني الضباط المتوحشون وغادروا المكان الذي يعج برائحة البول والعطن والدماء المتخثرة.. دمائي المتخثرة. كان النصف الأسفل من جسدي قد شل أخيراً وتوقفت الأعصاب هناك عن نقل الإشارات ليُغْمى عليّ بعد ساعات طويلة قضيتها أتلوى من الألم. لم أكن أسمع شيئاً، كان المعتقل فارغاً كالصحراء، أو كعقلي المرهق في تلك اللحظة. كل ما تناهى لسمعي كان صوت نباح بعيد وصرخات تدوّي وتخفت في نفس الثانية قبل أن يدرك أحد أنها غادرت حناجر أصحابها. كان جسدي شبه عارٍ بعد أن تكبد أحد أحدهم عناء وضع ملاءة بالية على ظهري ومؤخرتي، كنت مستلقية على بطني ووجهي إلى الأرض. رأسي يقبع أسفل قاعدة المرحاض المسدود وأنفي يتشمم رغماً عني وعنه كل رائحة قذرة ممكنة. لم أستطع النهوض، لم أستطع الكلام، وبعد لحظات قليلة لم أستطع التنفس. كان آخر يوم لي في العالم فظيعاً، ولكن ماذا عن بقية الأيام؟

آه! آه! إنها فظيعة أيضاً! كلها سيئة. سلسلة طويلة من المعاناة يتخللها هزل هو الجد، وابتسامة مغموسة في الكدر، وفكاهة هي النكد بعينه. لا سعادة إلا بمقدار حبة خردل، ولا راحة إلا بمقدار سويعات في عمر كامل من العناء. هل كانت الأمور لتختلف لو لم انضم إلى الجيش اقتداء بأخي؟ لو بقيت في المزرعة مع والديّ، أجمع المحصول وأرش الحقل وأضع الفتات في قنّ الدجاج. لو لم أرَ المدينة المكتظة، لو لم اختبر التدريبات العسكرية القاسية، لو لم أجرب هول الحروب، هل كانت حياتي لتختلف؟! لا.. بالطبع لا. كنت سأشعر بأنني فاشلة وبلا قيمة، وربما قتلت نفسي عقاباً لها. كل الخيارات التي كانت أمامي سيئة رغم أني ربما أكون اخترت أسوأها. لم يكن هناك مفر من العذاب، لكنني فررت.. لقد مت! حمداً للإله على هذا. ورغم سعادتي الخفية بحقيقة موتي إلا أنني أحبذ لو لم أولد من الأساس….

انبلج الصباح وتسربت خيوط الشمس الذهبية إلى مقبرتي العزيزة لتفتت الضباب الأخضر وتعيده إلى العدم الذي أتى منه. مرّت الساعات الأولى دون حدث يذكر كما تمر كل الساعات هنا اساساً. لكن قبيل الظهر بقليل توقفت شاحنة حمراء كبيرة محملة بعلف الحيوانات أمام بوابة المقبرة وترجل عنها زوجان في منتصف العمر. كانت المرأة ترتدي وشاحاً قماشياً ملوناً حول عنقها ومؤخرة رأسها، وسروالاً قطنياً واسعاً، وتحمل بين يديها باقة زهور صفراء حديثة القطف. تقدمت الرجل بخطوات سريعة بينما كان منشغلاً بتناول شيء ما من داخل السيارة. بركت على الأرض أمام قبري بعد أن وضعت الأزهار هناك ثم شرعت تبكي بصوت خفيض وهي تضم يديها الخشنتين إلى صدرها. اقترب الرجل حاملاً باقة زهور أخرى باللون الأزرق الغامق، اللون الذي يحبه تشارلي. نزع قبعة القش من رأسه وتوقف بعيداً عن المرأة. كان ينظر نحوي بنظرات عميقة ثاقبة حتى ظننت أنه يراني، لكن تبين أنه كان ساهماً في شجرة الطقسوس الضخمة التي كاد يجتثها في شبابه ليصنع من ساقها حطباً للمدفأة. لكنه تراجع عن الفكرة لشيوع خرافة تقول أن الشجرة هذه هي ملاذ الميتين الأخير. ها هي ذي قد كبرت وازدانت بالتغذي على رفات كل هؤلاء.. على رفات طفليه العزيزين. اقترب وجلس جوار امرأته حانياً ظهره، مطلقاً العنان لدموعه الحبيسة. أمي.. أبي، لا تبكياني وتشارلي، كلانا على ما يرام. ابكيا نفسيكما فأنتما الأحياء، أنتما اللذان لم تمتلأ أقداحهما بعد بما يكفي من المعاناة.

جلست الى جوارهما وأنا قابضة على ذراع أمي. لم تكن تحس بي بالطبع لكني أحس بها، كرد فعل من دون فعل. كنت أتلمس بشرتها القمحية المجعدة عندما سحبت يدها فجأة لتمسح الدموع التي أغرقت وجهها النحيل. بقيت إلى جوارهما هكذا وكنا ثلاثتنا نطالع قبر تشارلي بحزن ورياح باردة تهب علينا من جهة الشمال، كان نسيمها الريفي المنعش محملاً برائحة ماء النهر والقمح والسماد العضوي، بالإضافة الى الأريج الذي يتصاعد من الأنواع المختلفة من الزهور أمامنا. أخذت نفساً عميقاً وعبأت صدري بعطر الطبيعة الفواح، كم هو رائع أن أشم مجدداً! أنا أدرك أن الطبيعة خلابة، أن المخلوقات بأكملها مذهلة وأن الكون معجزة حقيقية. لكن كل هذا الجمال لا يكفيني، لا يرضيني، لا ينسيني ما رأيت وما اختبرت ولا يجعلني –بأي شكل كان- ممتنة لوجودي. موتي كان خطوة كبيرة في الطريق الصحيح وكل ما تبقى الآن هو أن أصير من العدم.

انتهت الزيارة المفعمة بالحنين وعاد المزارعان إلى بيتهما وحقلهما وبقيت أنا أتجول كعادتي بين القبور في انتظار شعاع أو نور أو ملاك اتبعه فيأخذني إلى مثواي الأخير. لم أظن أن انتظاري سيطول كثيراً ولكنه دام ثلاثة عشر ليلة كاملة رأيت بعدها ذلك النور، فتبعته. كان يُطل عليّ من خلف الضباب الأخضر مشعاً واضحاً ومرحّباً بي. هرولت نحوه بشوق قد تخليت عن حماية أنفي من رائحة الضباب، ها هو ذا خلاصي، إنني أراه. تشارلي.. تشارلي هل أنت هناك؟ هل تنتظرني هناك؟ جذبني الضوء بطريقة غريبة. لم أكن بالمادية التي ظننتها، بل كنت أقرب الى بخار يتم استنشاقه من قبل نور شاسع!

على أيّ حال. أظنني دخلت عالم الآخرة الحقيقي. مكان مختلف عن المقبرة تماماً، مظلم وضيق، لا شيء فيه سوى اللون الأسود الداكن. لم تكن هناك رائحة معينة ولا صوت يسمع. شعرت بضيق شديد، وبأن جدراناً خيالية تطبق على جسدي، وأن جسدي هذا ضخم جداً مقارنة بالمكان الذي أُقحمَ فيه. نور آخر التمع في نهاية النفق لكني لا أستطيع الحراك. دفعتني الجدران الخيالية بقوة تجاهه كأنها تعترض على وصفي لها بالخيالية، إنها حقيقية تماماً. سمعت صوتاً أنثوياً خافتاً ما لبث أن ارتفع بالصراخ، يا الهي! أنه الجحيم.. سأرسل إلى الجحيم مع الخاطئين. لا أريد ذلك.. لا! دفعة أخرى قوية من الجدران وتزداد الصرخات، يمكنني الشم الآن، رائحة خفيفة ولكنها موجودة، هناك عرق و دماء وشيء أشبه بالمعقمات الطبية. أين أنا بحق الله! تمر دقائق طويلة عليّ وعلى المرأة الصارخة، دقائق من الادراك والفهم العميق لحقيقة هذا العالم، دقائق معدودة من الوعي بمأساة العود الأبدي، وكراهية الوجود، وتمني العدم. دقائق تتخللها ألف لعنة ولعنة أطلقها في الظلمات، وأنا أحاول أن أخنق نفسي بالحبل الذي وجدته دون فائدة. تمر الدقائق ثم.. ثم أولد!

*قناص