الكتابة والحرية: سيميائيات المفارقة المغايرة

جمال الشوفي

دكتوراه في الفيزياء النووية جامعة القاهرة، 2008. كاتب وباحث في الدراسات الفكرية والثقافية والسياسية.

حاصل على جائزة مسابقة ياسين الحافظ في الفكر السياسي/مركز3، عن بحث بعنوان: كسر الأطواق وسؤال القيمة، المثقف بين هزيمة وتحول، مركز حرمون للدراسات، 2017.

له العديد من الكتب المنشورة.

ملخص

الكلمة وجود يحاول الاكتمال حين ترتقي بذواتنا الضعيفة لمصاف الإنوجاد الإنساني، والحرية شرطها الأول، وحيث ان الواقع الإنساني متعدد الأبعاد يصبح ايجازه في نص أو كلمة غاية في القسوة. وهو ما يلقي بتلك المسؤولية الكبرى على دور الكلمة، فقد تشكل رافعة وجودية وتحدث دلالة في تجاه انساني، وذاتها ستمثل دلالة موت حضاري أو صنم فكري يقوض الحياة ما دونها! ولنا في كلمة الحرية وإرادة الشعب الحية اتساع في المعنى والدلالة، فحيث تكتسي اللغة بعداً وجودياً وتعاطفاً إنسانياً، تتحول لثقافة وعقل تواصلي، هي سيمياء دلالية وتواصلية بآن، هي مدلول كما هي موضوعة وتصور مفهومي وبالضرورة هي حلم لم يتحقق بعد.

الكتابة اليوم، نمطية كانت، أدبية، فكرية، سياسية، فلسفية، ضرورة وجود وبقاء، حقيقة كبرى تشق وعر الثقافة والفكر المرتهن لسياسة السلطات التي تحرم على شعوبها الحرية، وعليها ألا تعجز، عليها ان تنحت من صلادة الحروف جملاً وكلمات تليق بقدرة الشباب ومستقبلهم، وإلا صعب على العابرين من بعدنا أن يعلموا ماذا جرى؟ وكيف جرى؟ وكيف تجرأت شعوب على الحلم غير نادمة على امتشاقها كرامتها الإنسانية والحقوقية، رغم ما عملت بهم أدوات القتل الفكري والثقافي كما السياسي حتى حولتهم لشعوب منثورة في كل شتات الكون…

المقدمة

النقد ليس مجرد تجربة غايتها المتعة العقلية للكاتب أو القارئ، فحيث تبدو عملية النقد سلباً وإيجاباً هي الأسهل بالمبدأ، لكنها التجربة الأصعب على أولئك الباحثين عن روح أمة في حضورها العصري والتحرري.

النقد والكتابة النقدية تغدو وكأنها لحنٌ على لحم يحترق وجلد يتمزق حين تختار الانحياز لصورة العالم الجديد وإثبات أحقيته خلاف السائد والمألوف! هي لغة تمتلك دهشة الاختلاف والمغايرة مع أنها تكتب بذات الحروف والكلمات؛ مغايرتها واختلافها أنها ذات دلالات ورموز باعثة على القدرة الوجودية والكلامية وفق معنى مختلف، تحاورها أدوات التحليل لعلوم السيميائيات الوضعية منها والمحدثة.

الكتابة النقدية وهي تحاول الانفلات من قواعد اللغة النمطية الوصفية وأقفاصها الحديدة المرصودة بمرجعية الموروث والثقافة والإيديولوجيا المغلقة بحكم المألوف والمعروف والسائد، تنتقل فجاءةً من عالم يبدو “مفهوماً” كليةً وقابلاً للتنميط والاتساق، حاملة معها صورة الواقع الحسي بكل تجلياته، إلى وجود مختلف يرتقب لغة الخلق والانبعاث، ولنقل: وجود أكثر إنسانية. لغة تنعتق من أسوار السلطة المتعددة الأوجه والمتموضعة في شكل خضوع مثلته ذات اللغة! لغة الحرية في مواجهة السلطات، والسلطة لغة بالجذر والهوية! ولربما جاز لنا القول خلف رولان بارط (بارت) أن ((الشيء الذي ترتسم فيه السلطة ومنذ الأزل هي اللغة، أو بتعبير أدق هي اللسان، فاللغة سلطة تشريعية، اللسان قانونها))[1].

في لحظة التغيرات الكبرى، لحظة “الطّف، الفضل، الفارق” الوجودي، امتلاك بواكير الحمل الجديد وتشكلِ براعم الحياة، تغدو الكتابة العمل الأشقى والأكثر قسوة وانفعالاً، وسيميوطيقا توترية من حيث ((إخضاع الوجداني والذاتي والانفعالي والجسدي لما هو خارجي في ضوء معايير قياسية وكمية لمعرفة الشدة والمدى معا))[2]، وضرورة وجود حتى وإن لم تطرح البديل المكتمل كما لحنّها كانط: ((إذا كان النقد يعد بمثابة الخطوة الأولى نحو بناء النسق الفلسفي، فمن الممكن أن يعد الخطوة الأولى والأخيرة، ولا ينتقص ذلك من مكانة الناقد))[3].

بين هذا وذاك تنفرد جملة “الشعب يريد”! كلمتان قابلتان للإعراب والتنميط اللغوي والنحوي بالمبدأ، لكن أن تكتسي صورة حياة وفعل متعدد الانتشار، كانتشار عدوى التثاؤب، حينها تصبح دلالة سيميائية وتصور مفهومي وحضور تواصلي جمعي؛ محاولة لتغيير صورة وواقع الاستبداد القائم، لعالم آخر يكافيء موضوعياً قدرة الشعب الذي يريد، وارادته هذه حرية وحياة كريمة تاق لها. لكن، وأكرر ألفاً، هذه الـ “لكن” لعنة كبرى واستدراك يشوبه الموت والقهر!

لكن، في المعبد آلهة تتلو قصة الموت، أسطورة الوجود حيث كانت النار شهية طهي؛ النار وقد التهمت جسد البوعزيزي[4] معلنة تفتح ثورات الربيع العربي، كما ومتواليات القتل الجزافي والهدر الوطني أيضاً! إذاً، ضع في القدر أطفالاً ونساء، أضف عليها قليلاً من ثقافة “السلام” نكهة، ولا تنسى ملح “حقوق الإنسان”، أضف للنار حطباً من “حضارات الشرق”، وكثير من ثارات الأديان حين يصبح القتل شهوة الحاضر! ولتنفخ فيها بأحلام القوة وشهوة المُلك وسطوة الحكم! تستعر النار وتستوي على مهلٍ طبخة اللحم الشهي، وجبة الشعوب وحقوقها وحرياتها المَنهوبة، وجبة من شهوة العهر البشري في الالتهام. صراخ أطفال وأجيال يأكلها معبد الموت هذا، معبد اللغة العجفاء حين تعجز عن وصف عُشر المشهد، فكيف المشهد بكليته وكثافة حضوره؟ وكيف للغة بدايةً، والسيميائية كعلم حديث، موضوعنا المنهجي، ثانياً أن تبعث فيه الحياة والمعنى وتضعه في سياق ثقافي ذو دلالة ورمزية للحرية ومبعث للكتابة النقدية باتساع بحورها؟

لكن، واللكن بوابة أخرى للنور، حيث الضمّة حركة عطف، والفتح ايماءة جديدة، والسكون لحظة تأمل، ومجموعها دلالة ورمز حياة تنوجد. فكلما آثرت جملة للقول، في سياق التوصيف، “ماركسيةً” أو “اسلاميةً، “قومية” أو نهجاً في “العَلمانية”، كانت اللغة عاجزة، وربما كان الفكر البشري أيضاً قد أصيب بعقم التجديد؟ كيف لا وكلما سطرت جملتين متعاقبتين ونحتّ القول وشددت في المعنى أخذني الاستدراك بعيداً، وكان الوصف قَبضُ ريح!

الدخان دلالة نارٍ، وعتمة المعبد دلالة ثقافة مظلمة موغلة في الموت. وقد يحلو للكثير التأويل والتغيير في نماذج اللغة والتنميط، فتنقطع الصورة عن مشهدها وتصبح مجازاً قابلاً للقولبة حسبما يريد صاحب السلطة/اللغة! فلربما الدخان المنبعث من جسد البوعزيزي “مؤامرة كونية” على الأمة، أو أن البوعزيزي ذو مشاكل نفسية، أو أنه قد قبض ثمن فعلته! كما وصوت طفل نادى أباه “أمانة عيوني” حين داهمت شظية عينيه ففقد بصره، تمثيلية في عتمة كواليس التلفزة والقنوات الإعلامية المغرضة والمشبوهة! ولربما ولربما…

المنهجية واٍلأسئلة البحثية:

“تكلم حتى أراك” هكذا أراد سقراط الكلمة تعبير دلالي عن الوجود المتعين في حديه المنطوق لغة والمرئي شكلاً، الواضح تعبيراً والجلي حضوراً. هي الكلمة إذا أداة التعبير والفكر، وكثافة المعنى والحضور، لكن هل تكفي الكلمة حين يغدو الحدث أشد ألماً وتعقيداً فتعجز اللغة عن الوصف؟ وهل يمكن الاكتفاء بالكلمات النسقية والنمطية دون الأخذ بدلالتها وشكل تموضعها المختلف والمغاير عن المألوف، ولنقل بلغة السميولوجيا علامتها المفارقة/ المغايرة لغة وصوتاً وحدثاً، وبالضرورة صورة عالم يتشكل بمفاهيم جديدة كما وحياة تباد؟

متى يمكن للكلمة ان تبقى أمينة لمحتواها دون تأويل أو تفريط بالمعنى؟ وهل يمكن الاكتفاء بالبعد السميولوجي الذي حدده بارط/ بارت بمراوغة اللغة وخيانتها، حيث ((هذه الخيانة الملائمة وهذا التلافي والهروب، هذه الخديعة العجيبة التي تسمح بادراك اللغة خارج سلطتها، في عظمة ثورة دائمة للغة، هذا هو ما أطلق عليه أدباً، والكتابة الأدبية تجعل المعرفة احتفالاً))[5]، وربما لزاماً علينا القول أنّ ممارسة الكتابة أدباً، وفناً وشعراً، ايماءة وتصريحاً، هي ضرورة وجود يحاول الانبعاث، أنه زمن التغيير وعلى الكلمة ان تكون على قدره وأكثر.

للكلمة دلالة ثقافية وفكرية، تحاولها السميولوجيا (Semiotics) ألسنياً و/أو دلالياً، فكما الدخان دلالة على النار، الكلمة في محتواها تدلل على المعنى المقارب كما الحدث. وفي سياق الكلمة وأثرها الفكري والثقافي سنستعين بالسيميائية كعلم دلالي يربط بين الكلمة والسيكولوجيا والمعنى وبالضرورة الهدف، كمحاولة منهجية في التحليل المقارن لمحتوى الكلمة وبعض أمثالها في ركب الربيع العربي، سواء من حيث قدرتها على تشكيل محتوى ثقافي انساني أو انزلاقها للالتصاق بالأيديولوجيات الشمولية التسلطية شكلانيةً وتحريضياً على العنف وهدم محتوى حياة.

السيميائية والخلفية التاريخية:

على الرغم من أنه، تاريخياً فلسفياً وفكرياً، قد عرفت السيميائية (السيميوطيقا، السميولوجيا) كظاهرة لغوية تدلل على الرمزية التي تدلل على حدث ما كالدخان التي تدلل على النار، وعلامات الدلالة على المرض وتشخيصه عند الإغريق ولليوم، إلا أن السيميائية، كعلم بذاته، لم تظهر إلا حديثاً مع بدايات القرن العشرين مع كل من اللغوي السويسري فريناند دي سويسر (Ferdinand (de Saussure، والفيلسوف الأمريكي شارلز ساندرز بيرس (Charles S. Peirce).

تنبأ دي سوسير بظهور علم السميولوجيا (Semiologie)، المشتق من الكلمة الإغريقية دلالة (Sémion)، كعلم ((يدرس العلامات والدلالات في الحيز المجتمعي كجزء من علم النفس العام، له الحق في الوجود وقد تحدد موضوعه بصفة قبلية، وليس علم اللسان إلا جزءا من هذا العلم العام))[6].

هذا، بينما ذهب بيرس في اتجاه فلسفي لعلم السيميوطيقا (Semiotique)، حيث أن العلامة ثلاثية هي: الدال/ المدلول الذي له علاقة بموضوع، وهذه العلاقة تفترض صورة ذهنية للعلامة. وحسب بيرس فإن السيميائية يمكن أن تكون مرجعية لكل العلوم وتشملها جميعاً فأية ظاهرة رياضية أو فيزيائية او لغوية أو جيولوجية …إلخ، هي علامة ذات أبعاد ثلاث: ((الأولية والتي تفهم بمعنى الإحساس، وهي مجرد إمكانية وتمثل في السيمولوجيا العلامة، والثانوية وتمثل الحقائق الفجة التي تنتج من ظاهرة ما، وتمثل الموضوع، بينما الثالثية وهي مجال القوانين العامة والتي تعود للمفهوم وبالضرورة الصورة الذهنية))[7].

تشترك السيميائيات في كل أنماطها وأنساقها في موضوعتي الدلالة والرمز حسياً (طبيعياً) و/أو لغوياً (نصياً وفكرياً)، ليتطور علوم السيميائيات في تخصصاتها وافتراقها بين السيمولوجيا والسيميوطيقا، وكل واحدة تحاول احتواء الأخرى. فسيميائيات اللسان مختصة في علوم اللغة واللسان والصوت، متجاورة ومتوازية مع سيميائيات برمجية ورقمية ودلالية وحسية طبيعية، يتفقان معاً بجذر واحد هو الدلالة والعلامة والمعنى المتشكل ظاهراً منها أو كامناً (باطناً). وجميعها تحاول البحث عن الدلالة وفق مظاهر متباينة بشكل صور افتراضية للمعنى سواء بكليته أو تفاصيله الجزئية، لتأخذ شكلاً معيناً قابلاً للتصنيف سيميائياً، كتلك التي عالجها غريماس تصنيفياً بين احتمالات متعددة تتشابك وتتقابل دلالياً في النماذج المجتمعية فـ((المجتمعات البشرية تقسم عوالمها الدلالية إلى بعدين، الحضارة والطبيعة، وتعرف الأولى من خلال المضامين التي تؤسسها أو التي تركز فيها، أما الثانية فتعرف من خلال المضامين التي ترفضها))[8]. ومع المدرسة الفرنسية، يولي غريماس أهمية بالغة لتلك التضايفات بين العالم المحسوس واللغة الطبيعية لما لها من أهمية على صعيد العلامات الثقافية عموماً والصورة خصوصاً، حيث ((يتولى العالم الطبيعي من خلالها دور تكوين الأشكال اللسانية ومنحها الدلالة المحايثة))[9].

وتبحث اللسانيات في العلامات والدلالات اللغوية والنصية ذات الترابط والتشارك كما الاعتباطية والعشوائية بغية ردها لمرجعية عمومية عامة، تفيد بشمول علوم اللسان العامة وذلك ((وفق منهج علمي يضاهي منهج العلوم البحتة ربطاً ودقة وموضوعية، ويسمح باستنباط قوانين وكليات تتوافر في الألسن مهما كانت الفصائل اللغوية التي تنتمي إليه))[10].

في الكلمة والثقافة كما اللغة، ثمة أنساب قديمة حاولت في الاعراب والتصريف والنحو، لكنها ومع تطورها اللافت والكبير، بقيت أسيرة المرجعية الثقافية او القَبْلية، فثمة العربية، واللاتينية والصينية والفرنسية، كأعراق قومية بذاتها، لكن العصر الحديث بات يؤشر لوحدة كونية، لمرجعية إنسانية عامة، ففي اللغة بدأت تبرز الألسنية وعلوم الصوتيات والفونتيك[11]، كما وبدأت تتحرر علوم الرمز والدلالة وعلاقتها باللغة من جهة وبالحدث الحسي من جهة أخرى. فقد برزت في العصر الحديث عدة محاولات أبستمولجية تحاول الوصل بين المعرفة ونظرياتها وبين العلم وتطور أدواته التقنية، ومنها السيميائية، والتي تحاول أن تكون علماً ذا شمول معرفي وعلمي بآن مكتمل القواعد. تلك المحاولات قادت الباحثين للعمل في علومه المتخصصة وتبويبها في أنساق وأنماط، كسميولوجيا الدلالة والتواصل واللغة والثقافة وهي محاولتنا المنهجية في موضوع الكلمة والثقافة ومفارقات دلالات الحرية في الربيع العربي.

لكن من الضرورة القول أنّ اللسان والمنطوق من القول هو فيصل العملية المعرفية تلك: فحسب، الشيباني ((تظل إمكانية التأسيس لأي نموذج دال جديد مرهونة بمدى تقاطعه مع اللسان، ضمن مظهر أو اكثر. تتمتع العلامة بوصفها عنصرا دنيويا داخل اللسان بمظهر دلالي مستقل، تستطيع من خلاله أن تؤسس للمظهر السيميائي للسان، أي لنسقيته الدالة))[12]. والمظهر السيميائي مشروط بالدوال والتكرار الزمني، فهل تلك الجمل اللفظية التي قدمتها لفظيات المظالم الكارثية والدموية يمكنها أن تشكل نسقاً لسانياً ومظهراً سيميائيا في نمو نزعتي الحرية والكلمة؟ وليست أي كلمة، بل تلك الكلمة الموطنّة في عرف الإنسان كأداة للفكر، ودلالة محتوى، ورمز دلالي، كما هي تعبير وجودي بآن، دون هذا الفصل الاجرائي المتخذ في أنساق السيميائية.

سيميائيات الإرادة، الدلالية والتواصلية:

“الشعب يريد” دهشة وجود وحاضر شعبٍ قرر أن يختار حرية وجوده المختلف! حضوره الإنساني التواصلي، لغته العصرية وقد تكلم بعد أن صمت دهراً. الشعب يريد فعل تواصلي باللغة والكلمة، بالتوافد والشعور الجمعي، بقوة الحياة وإرادة التغيير لمستقبل في دولة تمثله، لا حاضر في بوتقة استبداد قهري يأكل تاريخه وحاضره ومستقبله. سيمياء تواصلية انتقلت من مرحلة الدلالة العفوية للقصدية الجمعية، والقصدية كانت هنا مبعث حياة وولادة جديدة، فهل ثمة لغة وثقافة تواكبها وتحدّث في بنيانها؟

كلمتان مثلتا منحى تغيري في عالم اليوم، خط اختلافي وخلافي بآن! اختلافه في كونه شكل موجات متعاقبة من صعود الوجع الشعبي الرازح تحت آلة القهر والقمع السلطوية في معظم عواصم الوطن العربي المسماة زوراً جمهوريات (للوحدة والحرية الاشتراكية)! وخلافي أيضاً كونه حمل بين طياته تفارق في التفسير والتأويل، التباين والتنازع، كما محاولة التوجيه القصدية لتقديم موقعتي الكبح السلطوي والمعاوقة المجتمعية بما تمثله من بنى ثقافية وفكرية وموروث تقليدي متكلس؛ فكانت الحرية في نزاع مع أصنامها، لا السلطوية والعسكراتارية وحسب، بل اللغوية والفكرية أيضاً. وبالضرورة يمكن التمييز سيميائياً بين سيمياء دلالية، هي فعل سيميائي مكتمل الأركان وتحاول أن تصبح سيمياء تواصلية تعيد للكلمات معناها وفق صير ركب الحرية، في مقابل سيمياء قصدية تواصلية موجهة وغرضية سلطوياً يجب تعرية علامتها وكشف مدلولاتها.

سيميائيات الدلالة: العفوية والمفارقة

“أمانة عيوني”[13]، “يا بابا شيلني”[14]، “سأخبر الله بكل شيء”[15]، نصوص ثلاثة وردت على لسان أطفال سوريين، تكررت مئات المرات بل آلافها، لتكرار تعرض الأطفال لآلة القمع والقتل المتوالية، لكن ربما لم تظهر على وسائل الاعلام المرئي والمكتوب والتفاعلي إلا بشكل محدود. وربما يقول ناقد سيميائي مختص انها لم تكتمل أركانها للدراسة التحليلية لعدم تكراراها وتواليها. لكن لو اكتفينا بانقطاع اللغة عن الحدث ذاته، فلو بقي حادث حرق البوعزيزي لنفسه حدثاً وسلوكاً شخصياً، لكان المشفى كفيل بعلاجه، والتأمينات كفيلة بدفع الضرر الذي تعرض له من جراء اعتداء الشرطة عليه. ولبقت صرخات الأطفال هذه وجملهم كدلالة نتف الثلج على الشباك بوجود الصقيع، لا تتضمن أية دلالة سوى أن الثلج والصقيع موجود، لكن قصة موت بائعة الكبريت متجمدة تحولت لسيمولوجيا دلالية أولاً، وتواصلية ثانياً تفيد لغةً بالكتابة عن الظلم والقهر والفقر وأدباً وفكراً وفلسفة وتوجه سياسي ومؤسساتي أيضاً.

الجمل الثلاث هذه تتكرر بنموذج طبيعي في كل زمان ومكان، فالطفل يوصي والديه بنظره دوماً، ويطلب من أباه أن يحمله ليلعب معه، وكل فتى يقول بأنه سيخبر الله عن أحلامه أو عما تعرض له من ظلم؛ وبالتالي: “الأمانة”، “الحَمْل والرعاية”، و”القول والاخبار”، كانت ستمثل مفاهيم مجردة، ولن تمثل نصاً شهياً قابلاً للتحليل السيميائي. بينما لو دخلنا لصلب الحدث الملموس وتتبعنا مؤشراته ودلالاته، فالطفل الذي فقد عيناه، وآخر فقد قدماه، والثالث فقد أبوه وأمه وأخوته ببرميل مرمي من طائرة، قد صاغوا جملة عفوية، تختزل حجم الكارثة المهولة في كلمات قليلة لا يمكن فصلها عن الحدث المتكرر مع الآلاف.

الأطفال الثلاث استطاعوا تجريد آلاف الأحداث الحسية في كلمات عفوية، تشكل سيمياء دلالية منهجياً ومؤشرات تلقائية، والتي هي حسب لوي بربيتو ((الاحداث والوقائع او الاشياء التي تمدنا بمعلومات دون ان تكون انتجت من اجل هذه الغاية))[16]. فالسيميائية حسب بربيتو هي ثلاثة علوم تتداخل موضوعاتها فيما بينها هي: اللسانيات وسيمولوجيا التواصل وسميولوجيا الدلالة حيث ((تدرس سيمولوجيا التواصل كل الظواهر التي تدرسها اللسانيات أي العلامات اللغوية مع إضافة العلامات غير اللغوية. وتدرس سميولوجيا الدلالة كل الظواهر التي تدرسها سميولوجيا التواصل أي الاشارات مع إضافة المؤشرات العرفية التي ليس لها صفة الإشارات))[17].

هذه الدلالات في المعنى بتلقائيتها لم تشكل سيمياء تواصلية بقدر ما تشكيل سيمياء دلالية وفق ذات المنهج، ودلاليتها أو رمزيتها، للأسف، كانت قصة موت معلن وجريمة إنسانية كبرى، تحاول السياسة ومكر التاريخ (حسب هيجل) طمسها.

بالعودة للخلفية المنهجية والتحديد الأولي للسيميائية، فحسب دي سوسير ثمة تلازم بين الدال، الجانب المادي للعلامة، والمدلول، جانبها المفهومي الذهني، فالعلامة لديه تحدث دلالتها لاختلافها عن العلامات الأخرى ((وهذا الاختلاف هو الذي يولد إمكانية وجود مجتمع لغوي، فاللغة ليست مكتملة عند أي متحدث، فهي توجد مكتملة وسط جماعة فقط))[18]، وبالضرورة لو اقتصرت الدلالات والمؤشرات العفوية هذه للأطفال في مجتمع اسرهم المُبادة، لانطمست حكايتها، وفقدت مدلولاتها عن العنفية والبطشية التي مارستها السلطات، وبالتالي لفقدنا موضوعة نقدية أساسية في سياق الربيع العربي وثوراته تفيد في التحليل البنيوي والنفسي والاجتماعي وبالضرورة السيميائي لبنى السلطات القهرية هذه، ولمرجعياتها الثقافية والأيديولوجية أيضاً، حيث تُدرك ((السيمياء من خلال الربط بين ما هو ملموس وما هو مجرد بآن معاً))[19]، وهذا ما يفتح المجال لثقافة نقدية ذات دلالة على الوضوح تفك الارتباط الريبي بين مقولات الحرية والحياة الكريمة التي رددت زيفاً لدى السلطات من جهة، وتبحث في مكنون هذه السلطات العنفي والقهري والبطشي ذاتها من جهة أخرى، وهذا مجال معرفي وسيميائي اليوم، كما هو سياسي وفكري.

الأمانة والحملُ والاخبار، كمدلولات هي صور مفهومية معروفة سلفاً، لكن افتراقها في دالها الصوتي لحظة صراخ انفعالي عالي الوتيرة، وإن لم يمتلك خاصية التواتر الكامنة لكنه ظاهر للعيان، هي دلالة سيميائية تشير إلى موضوعة التدّلال (Semiosis)، والتي هي ((العملية التي يتم من خلالها انتاج الدلالة، فالدلالة ليست معطىً جاهزاً ولكنها سيرورة مستترة، فالدال متوالية صوتية، وهناك مدلول هو الصورة الذهنية))[20]. ومن ثم تصبح الجمل الثلاث أعلاه قابلة للدراسة والاستنتاج والتصنيف سيميائياً وفق مدارس عدة. هي في المبدأ سيمياء دلالية وفعل سيميائي مكتمل الأركان حيث ((الفعل السيميائي هو باختصار سلوك ملموس غايته التعريف بحالة وعي ملموسة))[21]، وقابلة لأن تتحول للغة تواصلية، ولسيمياء تواصلية، اذا ما باتت لغة يتم احتواؤها حسياً وانسانياً وانتصاراً لمظالمها، عندما تفعّل الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة حقوق الطفولة، وتفعل المحاكمات الدولية للجرائم ضد مرتكبي الجرائم الإنسانية ومنتهكي المعاهدات الدولية، وعندما تتحقق العدالة الاجتماعية والتغير الوطني المطلوب لدولة عصرية تحترم دستورها وتصون حقوق وحريات أبناء مجتمعها، وقبل هذا ضرورة ايصالها عبر الكلمة والجملة لتصبح لغة تواصلية ذات دلالة حياة وحرية قابلة للتدلال السيميائي، لا دلالة موت وكارثة وحسب!

في الكتابة حياة: التواصلية في مقابل الأداتية:

لماذا الكتابة؟ ((أنا انسانوي، ليس لأني أفكر، ولا لأني اقرأ، بل لأني أكتب، ولأني انتج نصوصاً. انا اكتب اذا انا موجود))[22]، لهذا سيخبر أبن الأعوام الثلاثة، الذي فني أهله أمامه، الله بكل شيء، وهذه ليست نصً أدبي وحسب، ولا نص سريالي يمثل نوازع نفسية غريبة تمثل نموذجاً اعتباطياً، بل جملة من الحروف والكلمات يستحقها الإنسان حين يواجه ((ضعفه وهوانه ومذلته، لم يفكر حال نطقه بها أن يهتم بتشكيلها بالفتح أو الكسر أو النصب أو الضم، كلمات تشكلت بالعجز التام لطفل بلا وعي وبلا إرادة سوي إحساسه بالرعب))[23]، هذا الوجود المعتم الذي لم ينتج نصوصاً بعد تقول ما جرى في حقيقة الواقع، لخصتها تلك الجملة، فيبدو أن البشر لا تريد أن تسمع ولا ترى، فأرادها الطفل تواصلاً مع الله فلسفياً وفكرياً وروحانياً وسيميائياُ أيضاً.

إذا لماذا نكتب؟ سؤال التاريخ، سؤال الوجود، سؤال المعنى، سؤال الأمة في عتمة حضورها تحاول الإبصار، سؤال المعرفة والكلمة والابصار في المبدأ، والبصر تعدد الرؤى وتمايزها. تشكيل العقل صورة العالم وتكونه هي الكلمة وقد اكتست حساً انسانياً رؤيةً ووجوداً، وعند هذا تكون فعل وعقل التواصلي، حياتي وفلسفي، يحطم دوائر الانغلاق ((كفاعلية تتجاوز التمركز حول الذات، والعقل الشمولي المنغلق الذي يدعي أن يتضمن كل شيء، والعقل الأداتي الوضعي الذي يفتت ويجزء الواقع))[24]، وسيمياء تواصلية أيضاً حيث اللغة وعلاماتها والواقع الحسي ومدلولاته في تشاركية الكشف عن المعنى، فحسب جورج مونان ((ينبغي من أجل تعيين الوقائع التي تدرسها السيميائية تطبيق القياس الأساسي القاضي بأن هناك سيميوطيقا أو سميولوجيا أذ حصل التواصل))[25]. هي سؤال التكون رغم هول الكارثة، والكارثة باتت ألفُ ألفٍ من الظلمات، من أطفال يتامى، من أطفال باتوا بلا أرجل، بلا مأوى، بلا رب يحميهم! فكانوا شهود عصر على هول الكارثة، فكيف للغة أن تعجز عن الوصف؟

((الحياة الخالية من التأمل والنظر لحياة لا تليق بالإنسان))[26] هكذا أرادها أرسطو قبل قرون، دعنا نضيف أن صير الوجود بلا الكتابة المكتسية حساً انسانياً، بلا النقش على جسد يحترق، لا تليق بزمن التغيرات الكبرى، وبالضرورة حسب فونتاني هي ((إعادة صياغة الإدلال كعلاقة قائمة بين الصور الكونية والصور الفكرية))[27]، وتحقق الفعل التواصلي الإنساني.

فبينما تقسم السيمياء التواصلية ((الى ابلاغ لساني يتم عبر الاستخدام اللغوي، وابلاغ غير لساني يعتمد أنظمة سننية غير انساق اللغة))[28]، وبالضرورة فإن التواصلية ليست لغوية وفقط، بل ترتبط بالمعنى والرمز وغير الظاهر، وبصيغة أخرى في الجانب اللاواعي أو النفسي ((اذا ان كان التواصل يظهر جلياً في النشاط اللغوي فهناك نشاط آخر مرتبط بالحياة النفسية اللاواعية))[29]، وحيث ثمة ضرورة لإعادة احياء المعنى واظهاره جلياً، خاصة وان الدور المنوط بالعلوم والمعرفة بالمبدأ، لا التنميط والتأريخ وحسب، بل جعل هذه المعرفة والعلوم إنسانية، أي تخدم الانسان في لحظته ومستقبله. من هنا تكمن أهمية الكلمة والكتابة في احداث فعل تواصلي يتسع مع قدرة الانسان وامكاناته، وهذا ما يعطي السيميائية التواصلية والدلالية مكانة مهمة في عالم اليوم، عالم المظالم الإنسانية الكارثية وتناقضها مع عالم الحريات والانعتاق والبحث عن الوجود. وما تحطيم أصنام اللغة وقدسيتها سوى فعل سيميائي تفكيكي لنماذج السلطة القهرية، وموقف تحرري وثقافي وانساني، لا بل وحداثي وحضاري، خاصة في مجال نقد السلطة والخطاب والإعلام عامة وخاصة سلطات الأمر الواقع في الجمولوكيات العربية (حسب مصطلح واسيني الأعرج في روايته رمل المايّة).

انقطاع الصورة عن المشهد واعتباره لغة مجردة أو حدثاً دون دلالة ومعنى، تخفيض للوجود الإنساني أولاً، واغلاق للغة وجعلها صورة نمطية خالية من الروح والحس الإنساني ثانياً، وقصدية وظيفية أداتية مبيّتة غرضياً ثالثاً. وهذه القصدية وإن كانت بإحدى معانيها تعني التواصلية سيميائياً، لكنها هنا سميولوجيا تواصلية للتوظيف في معنى مختلف عن الحدث تريده سلطات الأمر الواقع في مواجهة مد الثورات واستهدافها حريتها وكرامتها، وبالضرورة نسج صور مختلفة لذات الحدث تفقده معناها وصورته المكتملة دلالة وحساً وموضوعاً، ومفهوماً أيضاً، لكن في مجموع متكامل يسمى: لحظة موت واستمرار في الجريمة مقابل الحرية! وبين هذه وتلك سيميائيات متفارقة!

ثمة أطروحة عالجها هابرماس تلقي الضوء على الفرق والتشارك بآن بين العقل الأداتي والعقل التواصلي فعلى الرغم أن القواعد التقنية للفعل الأداتي ((تتكون ضمن شروط التواصلية اللغوية، ولكن ليس لديها ما هو مشترك مع القواعد التواصلية للتفاعل))[30]، لا يتسع البحث لمناقشتها، لكنها قد تمثل مدخلاً أبستمولوجيا للعلوم السيميائية لوضح الحدود المعرفية والعلمية بين القصدية كسيمياء تواصلية وبين قصدية وظيفية تشتركان فقط باللغة وتنقطع عنها بالواقع والدلالة الحسية، وهذا الانقطاع هو بوابة التأويل والمغالطات والترويج والإعلام المزيف، فحيث ترتبط السيمياء التواصلية بالنص والإشارات العلامات بغية تنميطها وتحليلها، يتطلب وضع ضوابط لها في ارتباطها بالحدث، لتصبح بذاتها رمزاً أو أيقونة..

في هذه المحاكمة الأولية، تبرز موضوعة السيميائية كضرورة منهجية تتعدى وتتجاوز، حدي اللغة المنقطعة عن معناها، والواقع المتبدل في تغيراته وانعكاساته، لتقوده السيميائية باتجاه أكثر معرفة ابستمولوجياً من ناحية الرمزية والأيقونة، لا وصفياً وفقط، بل توثيقاً وتحليلاً، وجعله نموذج لغوي وبالضرورة ثقافي مُحدث، كما هي علم مُحدث بذاته.

الخاتمة: النتائج والتوصيات:

الكلمة وجود مكتمل حين ترتقي بذواتنا الضعيفة لمصاف الإنوجاد الإنساني، والحرية شرطها الأول، وحيث ان الواقع الإنساني متعدد الأبعاد يصبح ايجازه في نص أو كلمة غاية في القسوة. وهو ما يلقي بتلك المسؤولية الكبرى على دور الكلمة، فقد تشكل رافعة وجودية وتحدث دلالة في تجاه انساني، وذاتها ستمثل دلالة موت حضاري أو صنم فكري يقوض الحياة ما دونها! ولنا في كلمة الحرية وإرادة الشعب الحية اتساع في المعنى والدلالة، فحيث تكتسي اللغة بعداً وجودياً وتعاطفاً إنسانياً، تتحول لثقافة وعقل تواصلي، هي سيمياء دلالية وتواصلية بآن، هي مدلول كما هي موضوعة وتصور مفهومي وبالضرورة ((ذات بعد دلالي أنطولوجي هي الرمز والمؤشر والأيقونة حسب بيرس))[31] للدولة والقانون والحريات، وحيث باتت مجرد لغة منقطعة عن حيزها الوجودي، باتت وظيفية التأويل وأسلوب هيمنة وتحكم كعقل أداتي تتقنه أحزاب السلطات فتحولت لوبال وموت كارثي يومي.

الكتابة اليوم، نمطية كانت، أدبية، فكرية، سياسية، فلسفية، ضرورة وجود وبقاء، حقيقة كبرى تشق وعر وعهر المادة في القتل الحرام وعليها ألا تعجز، عليها ان تنحت من صلادة الحروف جملاً وكلمات تليق بهذه الأسطورة، وإلا صعب على العابرين من بعدنا أن يعلموا ماذا جرى وكيف جرى، ولازال أنكيدوا يعاند قصة موته باحثاً عن الخلود، والخلود اليوم كتابة لا تتوقف …

فقد “بدأت الحضارة عندما قام رجل غاضب لأول مرة بالقاء كلمة بدلاً من حجر” حسب فرويد، رائد مدرسة التحليل النفسي، وذات زمن مضى، تساءلت مع الآخرين فيمن تساءلوا ماذا سيكتب التاريخ عن مجريات الحدث العام في عالم الربيع العربي عامة وسورية خاصة؟ وإن أجزنا لذواتنا الحرة تجاوز السياسية فيها، فما لم يكتب التاريخ أن اللفة والسلطة والحرب قد تعاونت وتحالفت على مواجهة كلمة صغرى تسمى حرية وعيش كريم! فمالم نكتب اليوم، فبئس كل ما نكتب وبئس هذا التاريخ بزوره ومكره وبهتانه، وبئس كل تلك العلوم والمعرفة ما لم تكن في موقع الحدث دلالة وفكراً.

لربما باتت الكلمة وعصر الحرية هذا، مهما بلغت أهواله، فتحاً واسعاً في كل شتى ألوان الحياة، ما يجعل المعرفة والثقافة والكتابة أيضاً في امتحان يومي نحاول في هذه السطور اجلائه في النقد أولاً، وتقصي الجديد ثانياً، والدفاع عن أحقية الحرية عامة وحرية الكلمة خاصة مهما كانت كلفة حضورها ثالثاً.

المراجع:


-[1]

[2]

[3]

-[4]

[5]

[6]

[7]

[8]– غريماس، جوليان الجيرداس، في المعنى، دراسات سيميائية، 1999، ترجمة نجيب غزاوي، مطبعة الحداد، اللاذقية، سورية، ص 51.

[9]– الشيباني، عبد القادر فهيم، معالم السيميائيات العامة: أسسها ومفاهيمها، 2008، ط 1، سيدي بلعاس، الجزائر، ص 43.

-[10] مارتان، روبير، مدخل لفهم اللسانيات، 2007، ترجمة عبد القادر المهير، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، ص 13.

-[11] طحان، ريمون ودنيز، فنون التقعيد وعلوم الألسنية، 1983، دار الكتاب اللبناني، بيروت.

-[12] الشيباني، عبد القادر فهيم، مرجع سابق، ص 35.

-[13] محمد الغوطاني: الطفل السوري ابن العشرة أعوام الذي داهمت منزله وأهله قصف صاروخي صباح ثاني أيام عيد الفطر 2017 ليفقد بصره منادياً أباه “أمانة عيوني” وذلك أثناء حصار الغوطة الشرقية الشامية قبل تهجير أهلها قسرياً.

[14]– كلمات الطفل السوري عبد الباسط الصطوف، الذي نادى أباه حين قطعت قدماه وقتلت أمه وأخته باسقاط طائرات السلطة على منزلهم برميل متفجر بالهبيط/ ريف ادلب الجنوبي، في 3/2017.

[15]– جملة رددها طفل سوري، عمره 3 سنوات، حين وجد كامل أسرته (الأب والام والأخوة) قد فنيت أمامه ببرميل متفجر قبيل أن يفارق الحياة والوجود بدوره، في 12/2013.

-[16] بيير، عبدالله، قراءة في كتاب السميولوجيا والتواصل، الحوار المتمدن، عدد 5815، 14/3/2018.

-[17] بويسنس، أيريك، مرجع سابق ص 12.

-[18] كوبلى، بول و جانز، ليستا، مرجع سابق، ص 20.

-[19] بويسنس، أيريك، مرجع سابق، ص 60.

[20]–  كريماص وجاك فونتني، سيميائيات الأهواء: من حالات الأشياء إلى حالات النفس، 2010، ترجمة سعيد بنكراد، دار الكتاب الجديد المتحدة، ليبيا، ص 53.

[21]– بويسنس، أيريك، مرجع سابق، ص 61.

[22]– شولز، روبرت، السيمياء والتأويل، 1994، ترجمة سعيد الغانمي، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ص 23-24.

[23]– الزهيري، محمود، سأخبر الله بكل شيء، الحوار المتمدن، العدد 5516، 10/5/2017.

[24]– أبو النور حسن، أبو النور حمدي، يورجين هابرماس الأخلاق والتواصل، 2012، التنوير، بيروت، ص 135.

-[25] أحمد، جاب الله، الصورة في السميولوجيا والتواصل، الملتقى الوطني الرابع السيمياء والنص الدبي، جامعة محمد خضير بسكرة، الجزائر، 2006.

-[26] أرسطو، “دعوة للفلسفة”، 2006، تقديم وتعليق عبد الغفار مكاوي، دار التنوير، بيروت، ص 42.

[27]– فونتاني جاك، مرجع سابق، ص 29.

-[28] أحمد، جاب الله، مرجع سابق.

[29]– يوسف، أحمد، السيميائيات والتواصل، مجلة علامات، عدد 24، مكناس/المغرب، 2005.

[30]– هابرماس، يورغن، العلم والتقنية كأيديولوجية، 2003، ترجمة حسن صقر، الجمل، كولونيا/ألمانيا، ص 29.

[31]– حنان، سلامة، الدرس اللساني المعاصر في ظل التأويلات السيميائية، 2017، أطروحة ماجستير في اللسانيات، جامعة أبو بكر بلقايد، الجزائر، ص 32.