بيان رابطة الكتاب السوريين بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لثورة الحرية والكرامة

نعيش هذه الأيام مع السوريين على أرضهم وفي دول الجوار وفي المنافي، ذكرى انطلاقة ثورة الحرية والكرامة، التي جاءت كنتيجة طبيعية، لعقود طويلة من القمع والإرهاب السلطوي، ضد الشعب، بجميع فئاته، وقواه الحرة، من أحزاب، وسياسيين، وأدباء وصحافيين وفنانين، وقوى عاملة، عمل خلالها الاستبداد على حرمان السوريين من حرياتهم العامة وحقوقهم الأساسية، ومارس القمع والتمييز والاضطهاد بحقهم.

ونستعيد مع الثائرين، ومع كل من عايش تفاصيل السنوات الماضية، وقائع الحلم الكبير، وشجاعة المطالبة بالتغيير، وفي وضوح المطالب وقوتها، وفي التوق إلى الحرية، والعمل من أجلها.

ثلاث عشرة سنة مرت على الصرخة الأولى، التي كسرت جدار الصمت والخوف، وكل واحدة منها تعني حيوات الملايين ممن نزلوا إلى شوارع المدن والبلدات والقرى، ليرفعوا أصواتهم في وجه آلة القتل والطغيان، وفي تحدٍّ جذري، لنظام الاستبداد الأمني الأسدي.

وتعني كذلك، الأثمان الكبيرة التي دُفعت، وما يزال السوريون يدفعونها كل يوم، ، من أجل تغيير راهنهم المرير، وصناعة المستقبل الأفضل للأجيال الجديدة، وهي تبدأ ولا تنتهي بأسماء مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين والمختفين والمغيبين قسراً، وممن قضوا على دروب المنافي، وفي لُجَج البحار، التي عبروها في سبيل حماية أطفالهم من خطر الموت، الذي يترصدهم عبر كافة أنواع الأسلحة، بما فيها المحرّمة دولياً، والتي يستخدمها نظام الإجرام الأسدي، وشركاؤه من الجيش الروسي والإيراني، وأذرعهما من الميليشيات الطائفية، والتنظيمات المتطرفة، التي تمارس إرهاباً لا نظير له، ضد المدنيين السوريين.

عقد وثلاث سنوات، نرى فيها مأساة لم تشهد البشرية مثلها، وفي الآن ذاته نرى فيها شعباً حراً يصنع أسطورته، حين يرفض إملاءات الرضوخ للنظام وداعميه، ويبقي على موقفه في عدم العودة إلى قيود الأسد، ما لم يتحقق التغيير المنشود.

نتذكر كل ما سبق، وترتفع الدماء في العروق والأوردة مع عودة ثائري محافظة السويداء بمدنها وقراها، كل صباح إلى ساحات الاحتجاج، ليعلنوا بملء أصواتهم أن الشعب السوري ما زال على الأمل، وأن لا سبيل للحل في بلادنا المنكوبة إلا عبر تنفيذ القرار الدولي 2254، والذي يفضي إلى التغيير السياسي.

في ذكرى الثورة، وعلى الرغم من النكبات الكبيرة، التي ابتلي بها السوريون، بسبب الديكتاتورية، وداعميها الدوليين، بما في ذلك تراجع وتقاعس المجتمع الدولي، عن دعم الثورة السورية، وتسلط الميليشيات الإرهابية المسلحة، على شعبنا في المناطق غير الخاضعة لسلطة النظام الأسدي المجرم، فإن رابطة الكتّاب السوريين، تؤكد على ضرورة العمل من أجل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، بشأن الحلّ في سوريا، وتحث السوريين مجدداً على ضرورة إجراء تقييم للثورة، والتوجه نحو تغيير جذري في سياقاتها السياسية والعسكرية، لبناء الثقة، وإحياء الأمل، والإبقاء على جذوة الثورة مشتعلة، على الرغم من كل الظروف الإقليمية والدولية، وخطوات التطبيع المشينة، التي تدفع بالنظام الأسدي لمزيد من ارتكاب المجازر بحق السوريين، والاستمرار بسياساته الأمنية الإرهابية. 

ويؤكد الكتاب الذين انحازوا بالروح وبالدماء إلى أبناء شعبهم ضد حكم آل الأسد أنهم على عهدهم باقون. وكلهم توق إلى لحظة التغيير الحاسمة التي تقود إلى إسقاط الديكتاتورية والاستبداد.

وإذ نستذكر اليوم، الكتّاب الذين قضوا من أجل الحرية، والذين استشهدوا تحت التعذيب، فإننا نطالب المجتمع الدولي بالعمل بجدية وحزم لإطلاق سراح عشرات الآلاف من السوريين في معتقلات النظام الأسدي، وفي سجون الميليشيات الإرهابية، ومعرفة مصير آلاف المغيبين والمختفين قسرياً، بمن فيهم أصحاب القلم، الذين تم اعتقالهم واختطافهم بسبب حرية التعبير والرأي.

ونؤكد على أن حرية التعبير، والعمل المدني، والحق في التنظيم السياسي، وفي إقامة المنظمات والجمعيات، هي حقوق أساسية لجميع المواطنين السوريين، وأي انتهاك لتلك الحقوق، هو مرفوض تماماً، ويستحق النضال الوطني من أجلها، في اي مكان وتحت أي سلطة في سوريا.

المجد للشهداء، والحرية لجميع المعتقلين والمغيبين والمختطفين.

الحرية، والكرامة، والخلاص لسوريا.

رابطة الكتّاب السوريين