خياناتٌ

حسن شهاب الدين  شاعر وباحث من مصر، صدر له العديد من دواوين الشعر نذكر منها:

 أشجار هاربة من الغرفة، مجاز مختلف، مُتَّهَمٌ بخداعِ العالم، جغرافيا الكلام،

 شـُرفة للغيم المُتعَب، مـُتوَّجٌ باسْمي، خيمة لمجنون الصحراء.

خانَكَ حتَّى الدَّرْبُ

وقتَ الرَّحيلْ

لم يَقْترِحْ ظِلًّا

لشمسٍ تَسيلْ

كانتْ مَراياه تَرَى عابرا

يُقايضُ التيهَ

بِتِيهٍ بديلْ

يرمي إلى الأيَّامِ صَحْراءَه

ويرتدي أُخرَى

وما مِنْ دليلْ

خانكَ حتى الظِلُّ

لم يتَّبِعْ خُطاكَ

لم يسألْكَ أينَ السبيلْ

كانَ يرى سِدْرَةَ غيبٍ

ولا..

يرى نبيًّا

غيرَ هذا الضليلْ

والبابُ..

قد خانَكَ إذْ جُزْتَه

ولم يَحُلْ بينَكَ والمستحيلْ

كأيِّ وجهٍ عابرٍ رُبَّما

كنتَ له

أو أيِّ طَيْفٍ دخيلْ

وَسُلَّمٌ..

لم يرجع القَهْقَرَى

وأنتَ بالعالَمِ حُزْنًا تميلْ

ألم يَخُنْ بِصَمْتِه إذْ رأى

مجرةً..

مِنْ أُفْقِها تستقيلْ

خُطاكَ إذْ تهوِي

وقد جرَّرَتْ

من خلفِها إرْثَ حنينٍ ثقيلْ

والشُّرفةُ الخئونُ

إذْ أسْدلتْ

– كي لا تراها –

سترَ غَيْمٍ طويلْ

كأنَّها أرملةٌ علَّقتْ

ثوبَ حدادٍ

على حبالِ الغسيلْ

وَغُرْفةٌ..

جُدْرانُها شاهدَتْ

وثرثرَتْ

بكلِّ قالٍ وقيلْ

مِرْآتُها..

تلكَ التي خبَّأتْ في طيِّها

قميصَ ليلٍ نسيلْ

وساعةٌ..

(جُرْحٌ على حائطٍ)

تدورُ في تيهِ زمانٍ كليلْ

مصباحُها..

في رُكْنِه المُنزوي

ينسجُ خيطًا

مِنْ ضياءٍ نحيلْ

سُجَّادُها الموطوءُ

إذ يرتضي

تلكَ الخُطا تصفعُه

كالذَّليلْ

سَريرُها المجنونُ

قد أشعلَتْ

– مذ كنتما –

فيه الليالي الفتيلْ

كُلٌّ إذنْ خانَكَ

يا قاتلا

يعودُ كي يبكي

بصدرِ القتيلْ.