في ذكرى الثورة مسيرة من الباستيل إلى صيدنايا


محمد زعل السلوم
كان لي يوم السبت 16 مارس آذار شرف المشاركة في مسيرة الثورة السورية في ذكراها الثالثة عشرة وهي الذكرى العظيمة في التاريخ السوري اليوم والتي ستبقى كذلك. وقد كانت نقطة تجمعنا في ساحة الجمهورية الريبوبليك لما فيها من رمزية عظيمة في تاريخ الثورة الفرنسية الخالدة عام 1789 والمفاجاة العظيمة اننا سرنا باتجاه ساحة الباستيل وقد اغلقت احدى أكبر شوارع باريس واهمها وفي قلبها لما تعنيه من رمزية واحترام فرنسي للثورة السورية ولمدة ثلاث ساعات تقريبا وبمرافقة الشرطة الفرنسية.
وشاركنا الأشقاء الأوكرانيين تضامنا ومحبة للثورة السورية وشعبها المكافح نتقاسم الآلام ذاتها والهم الواحد وكانت المسيرة عبارة عن جزأين الامامي للثوار السوريين وخلفهم الاوكرانيون بمعنى سيروا ونحن معكم وهم يرددون شعارات بوتين مجرم بوتين قاتل بشار مجرم بشار قاتل.
كان الباستيل السجن الأشهر في عصر لويس السادس عشر وكان رمز القمع السلطوي حيث يكبل فيه المعارضين السياسيين والمحرضين ضد الدولة والمختلفين عن الطغيان الملكي من ذاك العصر وكان سجن الباستيل هو الشرارة التي انطلقت منه الثورة الفرنسية في الرابع عشر من يوليو تموز 1789 وتم تفكيكه بالكامل وتحويله لساحة ودار أوبرا فتخيلت عندما وصلت للباستيل في مسيرة الثورة السورية اليوم الذي نحرر فيه معتقلينا من مسلخ الأسد البشري سجن صيدنايا ونمسح هذا السجن النازي من الوجود ونقيم فيه ساحة للحرية نحج إليه كل عام إحياءا لذكرى ثورتنا العظيمة.
هذا الاحترام الراقي للسلطات الفرنسية تجاه ثورتنا تؤكد ان العالم لازال متيقظا ومهتما مع قوافل شهداء الحرية السورية بل ومتعاطفا ومتضامنا وأنها الثورة التي لا تموت في وجدان البشرية. وانها ليست بالثورة اليتيمة بل لازال هناك أحرار من العالم لا ينسون أو يتناسون
والأجمل هم الشباب السوري الذين قدموا لفرنسا منذ 11 عام اكثر واقل كانوا اطفالا لكنهم اليوم شباب يرددون شعارات الثورة السورية كمان كانت بالضبط في صورتها الأولى .. فالحق السوري لا يموت.
بقدر ما كان الألم يعتصرني على من قضوا لأجل الحرية السورية وأنهم لم يعيشوا ليومنا هذا بقدر ما غمرني الحب والامتنان لمشاعل النور التي مضت ولكن القادم أعظم وتفاءلت بهؤلاء الشبان الذين رضعوا حليب الثورة رغم صغر سنهم ونضوجهم في بلاد غير بلادهم لكن جذوة الثورة تتأجج فيهم كل لحظة وكل حين
في الباستيل حملت ماريان رمز الجمهورية الفرنسية أرقى معاني الحضارة البشرية في الحرية والإخاء والمساواة وقبلها بيوم كنت قد زرت البانتيون حيث مقبرة العظماء لاجد نصبا تذكاريا في صدر البانتيون يقول عش حرا او مت vivre libre ou mourir واحتفالا بالعقد الاجتماعي الذي صاغه العظيم جان جاك روسو ومقام فخامته هو وهوغو وفولتير وزولا أسفل ذاك النصب مباشرة في الطابق الادنى
كيف لفرنسا ألا تعشق ثورة السوريين وهي أم الثورات وكيف لها أن تفوت ذكرى ثورة السوريين وهي من تتغنى بأمجاد الحرية والتوق الابدي لها على إيقاع نشيدها العظيم المارسييز
نعم كان لعلم الثورة السورية حضوره في يوم صاف من ايام باريس الجميلة ليعانق ساحة الباستيل حيث يطل عمود تموز الذي بني عام 1833 في ذكرى الإطاحة بالنظام الملكي وحيث ستجد مسامير برونزية على الساحة تشير لحدود قلعة وسجن الباستيل الشهير.
شكرا فرنسا شكرا للثورة السورية وشهدائها الذين صنعوا للسوري قيمة واحترام لا يمكن محوه عن وجدان البشرية