(ميديا).. الشخصية التي يخشاها العالم

عبد الناصر حسو (ناقد مسرحي سوري، مقيم في ألمانيا)

أستاذ سابق في المعهد العالي للفنون المسرحية، أمين تحرير مجلة الحياة المسرحية.

ثمة اختلاف واضح بين شخصية (ميديا) في الأسطورة الإغريقية وشخصية (ميديا) التاريخية التي كانت أميرة جورجية من مملكة كولخيس، وتالياً ينعكس الاختلاف في الأفعال والتصرفات والصفات والوظائف. إذا أردت استرجاع مملكتك، فما عليك إلا البحث عن الجزة الذهبية، وإذا عدت سالماً غانماً في مسعاك، فسيكون العرش من نصيبك. يمثّل يوربيدس هذه الرؤية، الرؤية الإغريقية حول (ميديا) الأسطورة والفنون والأدب والثقافة في ظل غياب الرؤية التاريخية أو بالأحرى رؤية جورجيا التاريخية.

تقول الأسطورة الاغريقية إن ميديا أحبت ياسون زعيم الأرجونوت حباً جنونياً وساعدته في الحصول على الجزة الذهبية بعد أن قتلت أخاها ومزقته ارباً ونثرته في البحر، ثم غادرت موطنها مع ياسون وتزوجته، فأنجبت منه طفلين. خدعت بيلياس وقتلته بعد أن وعدته برد شبابه والذي لم يسلم العرش لياسون بعد أن جلب له الجزة الذهبية، غضب ياسون منها، وهربا إلى كورنثة، هناك أراد ياسون الزواج من غلافكا ابنة كريون ملك كورنثة، فقتلت ميديا أيضاً العروس وكريون ثم قتلت طفليها، وامتطت عربة تقودها تنانين باتجاه الشمس غارت إلى أثينا.

تزوجت ملك اثينا وأنجبت منه ابنها (ميدوس الذي يُعتبر سلف الشعب الميدي)، ثم خططت لقتل ابن الملك، وهربت من أثينا إلى موطنها كولخيس برفقة ابنها ميدوس.

أوفيد الذي يحاول الاقتراب من الرواية التاريخية، يؤكد اخلاص ميديا لياسون، ويعتبر أن ممارستها للسحر والسيطرة على العالم الطبيعي بتفاصيله، مجرد تلفيق لا أكثر، ولم تقدم ميديا المساعدة لياسون، (أُختطِفت من قبل رجال اغريقيون كانوا على سفينة أرغون رداً على اختطاف الاميرة أيو ابنة ايتاكوس ملك مملكة أرجوس في محاولات متكررة لتبادل الاختطاف واستمرار وتيرة الصراع بين الشرق والغرب)([1]). إنما منحها أوفيد فرصة للتحدث عن نفسها.

انتشرت قصتها على الأغلب موجودة في قصيدة ملحمية نسبت لبرودسيكوس من فوكايا، لكنها من الخيال الملحمي. وهي موجودة بشكل أطول في القصيدة البيثية الرابعة لبيندار، تشكل موضوع قصة أرغونوتيكا من تأليف أبولودوروس روديوس. وكذلك رسالة (ميديا إلى جاسون) المؤثرة في كتاب (التحولات) لأوفيد. بعد عودة تجار الاغريق من فينيقيا وخطف ابنة الملك (أوروبا)، جهزوا سفينة تجارية وشدوا الشراع إلى آيا مدينة من مدن مملكة كولخيس، ولما باعوا بضاعتهم حملوا معهم ميديا ابنة ملك البلاد، عندما طلب الملك ابنته ميديا منهم، رفضوا إرسالها له.. )([2]) ورداً على هذه العملية، عزم باريس ابن ملك طروادة على اختطاف هيلين الجميلة زوجة منيلاوس وبسببها جرت معركة طروادة الشهيرة، تُعدّ أول صدام بين الشرق والغرب. منحها اوفيد فرصة ذهبية (للدفاع عن نفسها من خلال الموروث الأدبي لتبرير أي تصرف من شأنه أن يؤدي إلى الدفاع عن كرامة المرأة المخدوعة، مثل قتل الطفلين، وهو فعل من أكثر الأعمال الوحشية للبطلة والتي جعلت ميديا واحدة من أكثر الشخصيات المأساوية)([3]). تبرّئ كريستا وولف البطلة التراجيدية (ميديا) من تلك التهمة الموجهة إليها.

من الصعب على ذلك المجتمع قبول تفسير الرؤية (الإغريقية) الأوروبية لشخصية ميديا، التفسير الذي جعل صورتها معروفة ومشهورة في العالم، ألا وهي ظاهرة الأم القاتلة لأطفالها، لكنه في الوقت ذاته، في الوقت ذاته لم يقدم التاريخ الجورجي القديم ولا المثقف رؤية مختلفة عما قدمه يوربيدس أو الإغريق تجاه أسطورة ميديا، والتي من المفترض أن تناقض الرؤية الإغريقية، فاستكان واستراح الجميع، بل لم يشاكس أحد خارج إطار الرؤية السابقة، لذلك، حاولت الباحثة الجورجية كتيفان ناداريشفيلي أن تُبعد التهم عن ميديا، والأصح عن تاريخ جورجيا القديم، فسعت إلى دحض الفكرة المهيمنة وإثبات فكرة (أن ميديا لم تقتل ولديها، بل الكورنثيون هم الذين قتلوهما، وألصقوا بها التهمة، وبأن المدونات الجورجية القديمة لا تحتوي على أي تفسير أدبي لأسطورة الارغونيين على الرغم من أن الجورجيين كانوا على دراية بها)([4])، فيما أوضح الشاعر الجورجي أكاكي تسيرتيلي (1840ـ 1915) موقف جورجيا من ميديا الأسطورة، والذي فشل في تقديم الصورة الحقيقية لتاريخ جورجيا القديم من خلال قصيدته بعنوان (ميديا)([5]) حيث تطرق إلى تاريخ مملكة كوليخس، عندما وصلت رحلة آرغونوتس، ارتأى الشاعر أن الخطأ الوحيد لميديا هو حبها لياسون، الغازي، المعتدي على بلدها، وقد صورها بأنها كانت شابة قوية عندما وصل ياسون إلى بلادها، لكنها لم تساعده في الحصول على الجزة الذهبية ولم تقتل أخاها، إنما تم خطفها، حيث كان الهدف هو إعادة تأهيل ميديا، لكن فنية الصورة جعلها، تفقد بريقها، وميديا دليل على ماضي جورجيا المسجل في المصادر القديمة. مع ذلك، فشل الشاعر في جعل صورة ميديا شائعة في جورجيا. لذلك، يفسر الشاعر تاريخ الاسطورة بشكل مختلف.

حظيت أسطورة ميديا بأهمية كبيرة لدى الكثير من كتاب المسرح على مر العصور، فقد تناولها تلميحاً أو نصاً مسرحياً كل من (يوربيدس، سينيكا، كورني، ألفارو، جريلباسي، أنوي، للألماني بلوخر، هاينر موللر، كلير تريفاكس، سايمون ستون…)، وقد كتبها بيرم التونسي في ثلاثينيات القرن الماضي.

اختار يوربيدس تحويل شخصية ميديا من شخصية اغريقية إلى أميرة بربرية مرتبطة بالتوحش والهمجية المعادية للديمقراطية عبر أفعالها وتصرفاتها وممارستها للسحر الأسود، وهي كتهديد طبيعي للحضارة الاغريقية، عندما قدم يوربيدس مسرحية ميديا أول مرة، استهجن الجمهور الاغريقي تلك الفظائع التي ارتكبتها ميديا، لكنه تقبل الفظائع بوصفها ليست اغريقية، وتساءل الجمهور كيف يمكن لامرأة بربرية أن تتحدى المجتمع اليوناني المتحضر وتسيء لهم، ثم تنجو من العقاب!، لأن يوربيدس ينهي المسرحية بانتصار ميديا (المرأة الاجنبية) الساحرة، وهذا ما يثير الجدل بين نقاد المسرح وباحثيه وجمهوره.

(ميديا هي مشروع مؤجل لامرأة محتجة قلقلة ثائرة على كل العسف الاجتماعي بكل أشكاله العرفية والدينية والسلطوية لذا يجب أن توصف بكل ما هو سيء، من قاتلة أطفال قبل 2400عام إلى مرجومة بحجر وساحرة في العصور الوسيطة ثم الى خارجة عن صفوف المجتمع وساقطة في الوقت المعاصر)([6])، متوحشة قادمة من الشرق وفق الرؤية الإغريقية، لكن ميديا لا يمكن أن تكون قاتلة لأطفالها لأنها لا يمكن لامرأة تنحدر من ثقافة الأمومة ثم تقتل أطفالها الذين أنجبتهم.

يوربيدس لم يقرأ المصادر المبكرة والتي سبقته رغم أنه كان يعرفها، لكنه استطاع أن يوظف المصادر بشكل مختلف تماماً عن حقيقتها ليكتب تراجيديا ميديا وليمرر فكرة كانت تؤرقه عن المرأة الاغريقية، فوجد ضالته في ميديا الغريبة.. و(كانت ميديا، لماذا لا تكون ميديا امرأة مسالمة، لم تقتل أحداً أبداً؟)([7]). ميديا امرأة متحضرة، محاججة، هادئة، رزينة، صابرة عن الضرورة، محترمة. أشد ما يكره الرجال أن تجتمع هذه الصفات عند المرأة.

صاغ يوربيدس هذه الأسطورة على شكل نص مسرحي بعنوان (ميديا) بما يتلاءم مع المجتمع الاغريقي آنذاك، وشكلت هذه الصياغة ظاهرة انتشرت في جميع اصقاع العالم ليس في الفن والادب فحسب، هي الأم الساحرة (قاتلة أطفالها)، بررت بعد الصياغات عملية قتل (ميديا) الأم لأطفالها بأنها كانت (تعرف أي مصير يتهدد طفليها حين سينتقم أقرباء كريون منهما بسبب ما اقترفت يدا والدتهما)([8])، وياسون نفسه أسرع إلى القصر لحماية ولديه من انتقام أقرباء كريون، صياغة أخرى ارتأت أن قتلها لطفليها بناءً على طلب الآلهة هيرا منها، وعداً منها بأن تمنحهم الأبدية كما جاء في الاساطير الإغريقية. عندما قررت أن تقتل أطفالها، فرأت أنها طالما أنجبتهم، فيجب أن تقتلهم.

تشكل مسرحية (ميديا) يوربيدس الثلث الثاني من أحداث الأسطورة، تنتهي المادة الدرامية عندما تقتل طفليها وتمتطي العربة، الثلث الأول منها لخصتها المربية في حوارها، بينما الثلث الأخير منها، هروبها من كورنثة إلى أثينا والزواج بملكها، لم يذكرها يوربيدس، فهو لا يؤرخ سيرة حياة ميديا، لذلك أضاف وحذف واستبدل بالصفات والتصرفات.

التزم يوربيدس بوحدة الموضوع ووحدتي الزمان والمكان، لكنه لم يلتزم بأسس التراجيديا الإغريقية، بل شاكس تقاليدها، وخرج بحبكة غير مألوفة في الأعراف الاجتماعية من خلال ردة فعل ميديا بطبيعتها التي تجمع بين أقصى مشاعر التطرف بين الحب والكراهية والانتقام. ولو التزم يوربيدس بتقاليد التراجيديا الأرسطية، لكان بوسعه أن يصور ميديا على أنها امرأة طيبة تتحول إلى وحش مفزع بسبب ما تلاقيه من اهانات، فعمد إلى أن يجعل منها شريرة، شيطانة قبل التعرض الى أي ضغط، ليست لها صلة بين ميديا وبين البطل الأرسطي التقليدي وتالياً أحدثت ميديا خللاً في بنية التراجيديا، لأن يزربيدس لا يهدف أساساً إلى إثارة الشفقة والتطهير تجاهها، بل لم يعرضها أيضاً للمعاقبة، لأنها هي حققت العدالة بنفسها بحق ياسون الذي حنث بوعده، ما يهم البحث والنص المسرحي هو الثلث الثاني (الجزء الخاص بالمسرحية)، يقدم يوربيدس من خلالها قراءة مغايرة وجديدة تصب في سياق الرؤية الاغريقية، ليطرح أفكاره المرتبطة بجماعة السفسطائيين من الفلاسفة، آنذاك، فانتشرت نسخة يوربيدس ولازالت الخشبات تستقطب صياغاتها بتنويعات تلبي احتياج المجتمعات.

استبدل يوربيدس الموضوعات الإلهية بموضوعات إنسانية يتقبلها البشر، مما حول الإضاءة إلى وجوه الاسطورة وليست إلى الاسطورة نفسها، بذلك اكتسبت التراجيديا الكثير من المحتوى كالصراع الداخلي في الشخصيات. يعتبر (أول من أدخل النظرة العقلانية إلى المسرح، ذلك من خلال اهتمامه بالفرد ومشاكله، يصور لنا ميديا بأنها امرأة تحب ثم ينتكس هذا الحب ويتحول إلى مقت وعداوة)([9])، فقد اختلق لها سيرة حياة وفق النموذج الاغريقي، ليمرر بعض الأفكار في المجتمع اليوناني القديم، كان (يقف موقفاً معارضاً للظاهرة الاجتماعية للمرأة الخاضعة للرجل بوصفها بالقصور العقلي)، كان دور المرأة في المجتمع اليوناني القديم ينحصر في الولادة وتربية الأطفال فقط. تركز الدراسات النقدية على ياسون الوصولي، ولا يختلف عنه كريون، لذلك تناضل ميديا ضد سلطة الذكورة/الرجال.

يركز يوربيدس على ميديا الجانب الأنثوي أكثر من تركيزه على ميديا الساحرة، ويؤكد على لسان الجوقة (نساء كورنثة) أن المرأة هي صاحبة القرار وهذه النظرة الثورية تؤكد حقوق ميديا في مجتمع ذكوري، لذلك تعامل معظم الكتاب مع ميديا الأنثى التي تمثل الضحية حتى تصل إلى القرن السابع عشر، لتتحول شخصية ميديا إلى ساحة دراما نفسية اجتماعية تتحمل إسقاطات كثيرة وعميقة خصوصاً في الادب الالماني. يقول الناقد رومان والش في مجلة فيلادلفيا (لعل المدرسة الألمانية قدمت حلاً أفضل لهذه العقدة لأن الصراع هنا ليس صراعاً بين سلطة الزوج وبين محاولة يائسة لزوجة مقهورة، الصراع هنا يكمن  في طرح فكرة التقييد الجنسية، أي بمعنى تفوق ما هو ذكوري على ما هو أنثوي بشكل مبالغ فيه، وتظل المدرسة الألمانية في القرن السابع عشر هي التي قدمت نهاية أكثر شاعرية تناسب تراجيديا عميقة مثل ميديا).

حاول ياسون الدفاع عن نفسه، رغم أنه وجد فيها امرأة ساحرة لكنه كان يبحث عن تأمين وضعه الاجتماعي والسياسي والمدني بوصفه منفي إلى كورنثه، لذلك سعى إلى الزواج من إبنة كريون الملك، فغضبت ميديا وقررت الانتقام، بعد أن اتفقت مع ملك أثينا العقيم على إعطائه دواءً، حيث كان ياسون يعقد تحالفات مع الآخرين (عقد زواج) على حساب ميديا مدعياً أنه لصالح أولاده، يقول: (حفاظاً على سلامتنا وسلامة أطفالنا)، يُظهر الحوار المتواتر نفاق ياسون وازدراء ميديا (أنا أعرفك، لم تعرف أبداً القانون والعدالة. كنت لا شيء عندما وجدتك، الآن تتحدث مع الملوك وتبكي الآلهة).  

قصد يوربيدس أن آلهة الانتقام، لا تعاقب ميديا على قتل طفليها، ثمة قوى العدل تقف بجانبها وتساعدها للهروب من كورنثه. اعتبر يوربيدس أن ياسون أكثر وحشية ونفاقاً من ميديا بوصفه خرق القانون الالهي للزواج كونه اناني يعمل لمصلحته الشخصية ويخرق القوانين، الزواج المقدس بالنسبة لميديا زواج أبدي يمثل الثقة والتضحية بالنفس، في حين أن الآلهة عند الإغريق لم تكن خالدة، إنما كان الخلود للقوانين، لم يحدد القانون ما يجب على المواطن فعله وما لا ينبغي عليه فعله. مع ذلك، فقد اعتبر (ملعون) من تصرف بطريقة مخالفة لما تعهد به. 

يؤكد يوربيدس أن ميديا كانت تشعر بالزهو والانتصار، لكن (لماذا لم تكتف بقتل كريون وابنته، ولماذا ألصق يوربيدس قتل الطفلين إليها أيضاً؟ كان عليه إما أن يوفر على ميديا مشقة قتل الطفلين البريئين، أو أن يعكس أثر ذلك على ميديا في نهاية المسرحية، بحيث لا ترتحل عن كورنثة)([10])، لا يعرف المتفرج أين ذهبت بعد ركوبها العربة في صياغات يوربيدس؟ لكنه يتوقع أنها ستحل في أرض ما، وتعيث فيها جريمة وراء جريمة.

أخيراً تنتصر ميديا، (ينتهي الصراع بغلبة المرأة وهزيمة الرجل، ماذا لو كانت للمسرحية نهاية أخرى، كأن تشعر ميديا بالتعاسة والندم على هول ما فعلت، أو أن تلقى عقاباً على ما ارتكبت؟ لم يحدث كل هذا. بل يصورها يوربيدس على النقيض من ذلك (شعورها الزهو والانتصار على نحو قاطع قولاً وفعلاً)([11]).

في جميع المعالجات المسرحية منذ يوربيدس وحتى الان، كان (الجزء المستخدم كمادة مسرحية من أسطورة ميديا، ينتهي بهروبها على عربة يجرها تنين، لكن المتبقي من المادة الاسطورية تستمر في سرد سيرة حياة ميديا التي تزوجت من ملك أثينا وأنجبت منه ولداً ذكراً بعد أن هربت من كورنثه، ثم اضطرت للهرب إثر مؤامرة دبرتها ضد ابن زوجها ستسيوس، إلى كولخيس موطنها الذي بدأت منه أسفارها)( [12]) هربت ميديا من المكان، بمعنى رفضت المكان، ورفضت الديمقراطية الاغريقية المتحضرة منذ اللقاء الأول.

مهد يوربيدس الطريق أمام المسرحيين لمعالجات مسرحية (ميديا) التي بقيت في الذاكرة، ولم تخرج النصوص والرؤى والصياغات ومحاولات المخرجين منذ ذلك الوقت عن رؤية يوربيدس (النموذج الإغريقي للأسطورة) بوصفها الأكثر إثارة ودهشة وغرائبية. ولازالت ميديا أكثر الشخصيات النسائية إقناعاً في الاسطورة الاغريقية وأكثرهن افتناناً للكتاب والمسرحيين لدرجة أن اسمها أصبحت (شعاراً، صرخة) في النظرية النسوية.

من هي ميديا ومن أين استمدت قوتها وغناها؟ هل كانت ميديا ساحرة، شريرة، عنيفة، قاتلة أطفالها، أم كانت ضحية رؤية يوربيدس نموذج الحضارة الاغريقية؟، تدافع ميديا عن نفسها في مسرحية يوربيدس: (لأنني من أجله خنت أبي ووطني، وأتيت معك إلى بولكوس وقتلت بلياس اندفاعاً وراء نزوة..)([13]).

صاغ سينيكا مسرحية (ميديا) بقالب ذي مرجعية رومانية، لذلك كان يتوجب عليه أن يُظهر قسوته في الكتابة لإبراز قسوتها لأن الحياة هي (الأكثر قسوة ودموية في جميع مسرحياته، ما دفعت ميديا أن تقتل أحد ولديها أمام المشاهدين ليكون المشهد دموياً)، تأثر كورادو ألفارو منذ اللحظة الاولى في مسرحية (ليلة ميديا الطويلة) 1949 بفكر سينيكا خاصة في المساواة بين ميديا وياسون في المسؤولية، بينما يشي المشهد الأول في أن ميديا تملك قدرات سحرية تفصح عنها خادمتها بأن تأخذ من المسحوق الساحر لتجاعيد الوجه وتغيير جنسها إلى الرجل، رغم الاختلاف الطفيف بين الرؤيتين كمثال تفتخر ميديا سينيكا بجرائمها لأنه بدون هذه الجرائم لم تكن للسفينة أن تعود بسلام، بينما تبرر جرائمها عند ألفارو بأنها من أجل ياسون، من أجل حبها له، يبقى كريون عند ألفارو على قيد الحياة.  حيث أبقى سينيكا على الخطوط العريضة للأسطورة كما عرضها يوربيدس، لكنها كانت قاسية ساحرة، زادت رغبتها في الانتقام لدرجة أن نساء كورنثة تعاطفت مع ياسون في يوربيدس، وجعلها سينيكا أقرب للمرأة المتطرفة، هل شعرت بالندم؟ لا لم تشعر بالندم.

لعل مسرحية (ميديا) ليوربيدس أكثر النصوص تجسيداً على خشبات المسارح إضافة إلى ميديا جان أنوي منذ ظهور مهنة الإخراج، إلا أن حظوظ النصوص الأخرى من ميديا والتي تعد بالعشرات لعديد الكتاب بدأت بالظهور على الخشبة إما توليفاً أو تأليفاً أو صياغة تناسب المرحلة بعد الألفية الجديدة.  عُرضت مسرحية (ميديا)على خشبات مسارح العالم بجميع الإضافات والإضاءات والإسقاطات المعاصرة التي يتناولها كل مخرج بما يتوافق مع المدارس الفنية والمراحل التاريخية في الألفية الجديدة والتي تناولت العديد من التيمات المتناقضة أحياناً مع بعضها، ومع ظهور مهنة الإخراج.

ففي إحدى المعالجات الدرامية لا تنتقم ميديا من ياسون لأنه تزوج من امرأة أخرى فحسب، بل لأنه عرضها على طبيب نفساني مما شكل لها إهانة بوصفه يحمل أراء دينية، وهذا بدوره يمنع ميديا من أن تكون قادرة على تجاوز الإهانة، لتغفر له، فتعترف ميديا بعلاقتها بكل عظماء المدينة والذين يقررون قتله بل ويعتبرونها ضحية ياسون حيث تدور الأحداث في منتصف القرن الـ19، بداية عصر التنوير وتحرير المرأة والنهضة النسوية والخروج من بوتقة عبودية الرجل.

لقد ارتُبطت الأسطورة بسلسلة أحداث تاريخية مدونة لصالح النموذج الاغريقي (الحضارة الاغريقية)، ولا يصح الجزم بصحتها نظراً إلى الخلافات العميقة التي تحولت إلى عداء بين الحضارتين أو المنظومتين (الشرقية/ الغربية) في التاريخ القديم. تقول الكاتبة الفرنسية مادلين رودي عام 1903 (لماذا ينظر دائماً إلى ميديا على أنها تلك المرأة الشريرة التي ذبحت أولادها لتنتقم من زوجها؟ الحقيقة أنها ضحية وليست متهمة، ياسون هو المتهم الأول الذي يمثل تلك السلطة الذكورية كزوج ماجن يسعى وراء رغبات قلبه وجسده بينما ينسى أو يتناسى ما قدمته ميديا من أجله .. لقد حطمها أيما تحطيم فلم تعد ترغب في شيء غير الإنتقام)([14]).

تتردد جملة أسئلة في أروقة الفكر النقدي، لماذا هربت ميديا من بلدها، هل كان بسبب حبها لياسون أم بسبب حكم والدها الظالم المستبد الذي أدخلها السجن قبل قدوم ياسون؟ لماذا قتلت شقيقها؟ هل كانت في صراع مع والدها وأخيها بوصفهما رجال حكم وسلطة أم أنهم رجال ينتمي إلى جنس الذكورة فقط؟ هل كانت تبحث عن فضاءات الديمقراطية اليونانية التي وصلت أصداءها إلى كولخيس وليديا وطروادة؟ ربما تعرضت لسوء المعاملة من والدها وأخيها، فأودعها في السجن بعد وفاة والدتها، لكنها لم تظهر احتجاجاً ولم تحاول الهرب رغم أن لديها إمكانية الهرب إلا بعد أن جاء ياسون وطلب المساعدة منها، يُقال (إن ياسون هو الذي قتل شقيقها)، لكن راياً أخر يرى أنها هربت من كولخيس بسبب اليأس الذي تعيشه، وليس بسبب حبها لياسون، إلا أن هروبها يشكل انتهاكاً صارخاً للحكم الملكي وللهيمنة الذكورية، كان والدها حاكم مطلق الصلاحية، فتأملت أن تجد الديمقراطية في كورنثة، لكنها اصطدمت بحاكم مطلق الصلاحية أيضاً، لا يتنازل عن السلطة رغم عجزه الفيزيولوجي والفكري، تشبث بالكرسي وأراد أن يجدد شبابه. ليس ثمة تغيير، كل شيء في الشرق له شبيه في الغرب، وكل من يعتقد أن الغرب متحضر ديمقراطي، يخادع نفسه، فالغرب مبني على الخديعة والجريمة كما الشرق تماماً، من هنا يمكن القول إن ميديا (لا تسلك سلوك امرأة، لكنها تفعل ما فعلت لأنها أساساً تنتمي إلى جنس يعيش حياة تختلف عن تلك التي يعرفها اليونان.. إنها تحب بقوة، وتكره بقوة)([15]). هل كانت ميديا مهاجرة إم مهجّرة أم مختطفة؟ يقول هيرودوت بأن وصولها إلى بلاد الاغريق كان في سياق عمليات اختطاف الأميرات بين الشرق والغرب أشبه بعمليات انتقامية، بمعنى أنها كانت مختطفة.

الاغتراب في شخصية ميديا نابع عن التناقض الحاصل بين الواقع والتباعد عن الواقع، وعن اختلاف ثقافة التعامل مع الاخر، اغتراب ميديا، اغتراب ذو طابع إثني، اجتماعي دافعه الشعور بالقهر والتهميش، كان المجتمع الاغريقي ينظر إلى البربري وإلى الأجنبي نظرة محتقرة غير جديرة بالاحترام في الإغريق القديمة، مما يولد حقداً، صراعاً إثنياً لدى الآخر، وهذه النظرة ناتجة عن عنصرية المجتمع ورفضه للآخر، هل هذا كان سبباً في قتل طفليها؟ تشعر ميديا أنها مهمشة، مغتربة لأنها لا تنتمي إلى هذه المدينة، فتصرّ على تنفيذ قرارها، فظهرت عندها فكرة الانتقام من العروس، تقول: (أنا وحيدة، لا وطن لي، أهانني ذلك الرجل بعد أن اختطفني من بلد غريب لا أم لي ولا أخ وليس أقارب أحتمي بهم من تلك المصيبة التي ألمت بي)([16]). تجد ميديا أن الطبقة الحاكمة تتجاهلها، ويهددها كريون بطردها عندما يقول لها كريون: (عودي إلى قوقازك ولتجدي رجلاً من جنسك متوحشاً مثلك، اتركينا تحت سماء العقل)، ترد ميديا عليه بحيث تدرك تماماً ما ستقول: (البيت الذي تم دخوله بجريمة لابد أن يتم الخروج منه بجريمة أيضاً)([17])، ترتكب جريمة ثم تهرب من المكان، وما أن تستقر حتى ترتكب جريمة أخرى، فتهرب من جديد، هكذا هي حياة ميديا، هل هي لاجئة تبحث عن وطن آمن بعد أن فقدت وطنها أم هي طريدة العدالة؟، لكن هروبها المتلاحق جعلها غير مستقرة في بلد ما، وهذا ما دفع المخرج بسام السليمان أن يطرح قراءة معاصرة لموضوعة الهجرة واللجوء وموضوعة الاغتراب الديني في عرضه (أنا ميديا)، عدم الاستقرار أو عدم التلاؤم مع المكان الجديد. لذلك تمتطي العربة وتتجه باتجاه الشمس.

في مسرحية (قاتلة أبنائها) للألماني بلوخر، (كانت معالجته لقصة ميديا من أهم معالجات هذه التيمة على مدار أكثر من 21 قرنا خلت)، يكمن الصراع بين زوجة محبة لدرجة الجنون لزوجها وبين زوج يمثل نموذجاً من القهر الزوجي الذكوري الذي ظهر بقوة. في مسرحية قاتلة أبنائها، تعَدُل ميديا عن قتل أطفالها، بل تقتل نفسها، لكن قبل أن تموت تعترف بعلاقاتها مع كل عظماء المدينة الذين يقررون قتل زوجها، ويعتبرون أن ميديا ضحية ياسون. تدور الأحداث في منتصف القرن التاسع عشر، بداية التنوير، وتحرر المرأة من عبودية الرجل والزوج. (أسطورة ميديا وصراع القهر الذكوري) ويطرح المخرج العديد من الأصداء الحداثية من خلال النص المعالج مثل – لماذا يكون من حق الذكر التعبير عن نزعاته الجنسية بصراحة ولا يحق للمرأة – بل إنه يورد على لسان ميديا أكثر من ذلك فهي تسأل ياسون إذا كان من حقه الذهاب لفتيات الليل لإشباع شطحاته الجسدية فلماذا ليس من حقها ولماذا يوجد فتيات للهوى ولا يوجد فتيان للهوى؟ هذا طبعا ما عبر عنه كتاب كثيرون مثل جينيه ودي بوفوار وغيرهم من مدرسة الحداثة الفرنسية.

رفض المجتمع الجورجي أو بالأحرى رفض المسرحيين في جورجيا رؤية يوربيدس عن ميديا بوصفها (قاتلة أطفالها)، ولم تنتج الثقافة الجورجية القديمة ولا الحديثة أعمالاً فنية وأدبية وتشكيلية تشير إلى شخصية ميديا، بل جرى تعتيم عليها حتى ستسينيات القرن الماضي لأنها ترتبط بالتاريخ الجورجي ارتباطاً وثيقاً، وتمس ماضيه، وباتت الأسطورة عقدة فنية، ثقافية، حضارية، لذلك أهملتها الإدارات الثقافية في جورجيا، ولم يتجرأ أحد على الاقتراب منها، بسبب الجرائم التي نُسبت إليها، وظلت رؤية يوربيدس هي المهيمنة على الإنتاج المسرحي والسينمائي والتشكيلي بكل صياغاتها اللامنتهية.

حتى قرر المخرج شكارتي شفيلي من جورجيا تقديم مسرحية (ميديا) رغم استهجان الجورجيين، كما رفضت ممثلة تقديم بدور ميديا في العمل، وأوضحت سبب عدم قبولها (رغم أنني معجبة بتراجيديا ميديا، لكنني خائفة)، كان العرض مجرد محاولة للتخلص من (عقدة ميديا)، تجاوز المخرج الكسندر تسيفيلي 1992 الحاجز النفسي وقدم مسرحية ميديا بعد معالجة حبكتها التقليدية وابتعاده عن موضوعة يوربيدس، وقدم العرض وجهة نظره بأن خيانة ميديا لوطنها هي وراء الدافع للجرائم، خاصة جريمة قتل طفليها، وليس حبها لياسون وخيانته، لذلك قررت ميديا قتل أطفالها في اللحظة الأخيرة في ذلك العرض، في اللحظة التي سمعت خبر موت كريون وابنته في ليلة العرس بهدف ألا يُقتلا بيد أهل كورنثة، انتقاماً لمقتل كريون، وحُظي العرض بشعبية كبيرة لأن قاتل الاطفال هم الكورنثيين وليست ميديا. 

حاول هذا العرض تحرير ميديا من الجريمة المنسوبة إليها تاريخياً، اخترع الآخر الاف الاكاذيب، لماذا لم يروِ يوربيدس الحكاية الحقيقية. لقد أحببت ميديا والدها وشقيقها ووطنها، وهذا شيء لا يمكن لأحدٍ القيام به لأن الآخر ينتمي إلى مجتمع التعساء.

ميديا هي الأقوى والأغنى والأكثر تراجيدية في العالم القديم، مما جعل شخصيتها ذات دلالات وحياتها الأكثر اجتذاباً للفنانين. وظّفت سياسياً ونفسياً واجتماعياً ونقدياً واثنوغرافياً، ومن أكثر الشخصيات التي قدمت في مهرجانات المسرح التجريبية، واعتبرت في ذات الوقت ارهاباً عابراً للأزمنة، وقانونياً (جرمياً) بوصفها نموذجاً للمسرح الكلاسيكي واختراقاً له من حيث أداء الممثلين المتنوع من الغناء الأوبرالي والبوب والرقص وفنون الأداء ومن حيث القيمة المعاصرة التي تحمل ملامح الحاضر. قد تكون ميديا رجع صدى للشخصيات الأسطورية لما كان مطروحاً في تلك الأزمنة المغرقة في القدم، لتؤكد على مقولة لا جديد تحت الشمس.

ميديا تحمل تناقضاً غريباً في شخصيتها (قاتلة، مظلومة) ما جعل لها مكانة تاريخية في الدراما والكثير من المعاني الإنسانية المفتوحة على تأويلات مختلفة، ومع ظهور الدراسات الثقافية والتيارات الفكرية كالنسوية، والصراع/ الحوار بين الثقافات وغيرهما من التيارات، بدت (ميديا) أكثر حضوراً في المشهد الثقافي العالمي. في جميع صياغاتها، تقتل ميديا طفليها، بمعنى تقتل الامومة في سياق الانتقام من ياسون/ الذكورة.

أثبتت ميديا أنها تستطيع العيش في حضارة اليونان، لكنها ترفض هذا النوع من الحضارة المبنية على الكذب والخداع، صورها يوربيدس بأنها شخصية بربرية كي يُنطِقّها بكلمات هي في غاية الحكمة، لم تنجز انتقامها بوسائل السحر أكثر مما أنجز عن طريق استعمال الدهاء، لذلك يُظهرها يوربيدس بأنها قادرة على أن تسلك مثلما يسلك ياسون، بل وأن تفوقه في مجال تخصصه بأن تلعب اللعبة المفضلة لديه وتنتصر عليه. عندما قدمت الهدايا إلى العروس، أنجزت أفعالها بالحكمة والذكاء وليس بأدوات السحر.

تحوّلت ميديا إلى ظاهرة ثقافية فكرية في الربع الأخير من القرن العشرين مع ظهور مفاهيم جديدة، واتخذ الصراع على إثرها أشكالاً عديدة في ظل التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية كالصراع/ الحوار بين الشرق والغرب، ثم الشعور بالقهر والتهميش، ما يولد في نفسها حالة الاغتراب ذو الطابع الإثنولوجي أو اللغوي، والصراع بين الذكورة والانوثة كجنس بشري في محاولة الاهتمام بالحركة المسرحية النسوية العالمية، لا تُظهر ميديا نفسها على أنها ضحية فحسب، إنما تُظهر النساء جميعهن ضحايا الرجال وخاصة نساء كورنثة، وأن ياسون لن يكون بطلاً من دونها، وهذه فكرة نسوية بامتياز.

لقد اعتبر نقاد الدراما أن ميديا واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل المأساوي السيكولوجي في كل العصور في الدراما الاغريقية، كما صُنفت ضمن أفضل مئة عمل أدبي على مدار التاريخ من مكتبة بوكلوين العالمية. وقدمت ادارة جائزة توني للمسرح الامريكي جائزتها ثلاث مرات لمن أدى دور ميديا وهنّ على التوالي: جوديت اندرسون 1948. زوي كالدويل 1982. ديانا ريج 1994.

هل نبحث هنا عن حقيقة شخصية ميديا أم عن الفعل الذي جعلها مستمرة في (قتل طفليها) في كل مرة، انتقاماً من ياسون أم خوفاً عليهما أم..؟ هل طرح أحد ما أسئلة جديدة مغايرة خارج السياق تطور التراجيديا؟، هل كان يوربيدس يؤيد سلوك ميديا لدرجة تركها دون عقوبة، بينما خضع ياسون لقانون زيوس حيث يُعاقب ناقض العهد؟. هل تصرفات ميديا في الوقت الحاضر مقبولة؟ وإلا فلماذا يفضل الناس مشاهدة حكايتها في المسرح والسينما؟


[1]ـ تاريخ هيرودوت، ترجمة عبد الإله الملاح، المجمع الثقافي، ابو ظبي، الامارات العربية، 2001، ص29ـ30.   

[2]ـ  المرجع نفسه، ص30 (الحادثة الكبرى في القرن العشرين، هي اصطدام الحضارة الغربية بسائر المجتمعات الأخرى).

[3]ـ د. علي حسن عبد الجيد محمد، ميديا مبدعة لقصتها، مجلة اوراق كلاسيكية، العدد16، 2019، ص236.

[4]ـ  كتيفان نادارييشفيلي، ميديا في سياق الثقافة الجورجية الحديثةP329 ، phasis volum 13- 14 2011- 2010 .

[5]ـ المصدر نفسه، P 332 .   

[6]ـ لطيف الحبيب، ميديا، حاملة خطايا يوربيدس، الحوار المتمدن، 2012. عن رواية (أصوات ميديا) لكريستا فولف.

[7]ـ المرجع السابق، الحوار المتمدن.

[8]ـ أ.أ. نيهاردت، الملحمة الاغريقية القديمة، ترجمة هاشم حمادي، دار الاهالي، دمشق، سورية، 1994، ص49.  

[9]ـ  د. صالح رمضان رضوان، يوربيدس في مسرحية ميديا بين الموروث الديني والعقلانية، اوراق كلاسيكية، مجلد 8، العدد 8، 2008، ص91.

[10]ـ  يحيى عبدالله، ميديا أو هزيمة الحضارة، عالم الفكر، مجلد12، العدد3، وزارة الاعلام، الكويت، 1981، ص79.

[11]ـ يحيى عبدالله، ميديا أو هزيمة الحضارة، عالم الفكر، مجلد12، العدد3، وزارة الاعلام، الكويت، 1981، ص79.  

[12]ـ يحيى عبدالله، ميديا أو هزيمة الحضارة، عالم الفكر، مجلد12، العدد3، وزارة الاعلام، الكويت، 1981، ص78.  

[13]ـ  يوربيدس، مسرحية ميديا، ترجمة كمال ممدوح حمدي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1974، ص34.

[14]ـ باسم توفيق، اسطورة ميديا وصراع القهر الذكوري، صحيفة الراية،25/8/ 2012 .

[15]ـ يحيى عبدالله، ميديا أو هزيمة الحضارة، عالم الفكر، مجلد12، العدد3، وزارة الاعلام، الكويت، 1981، ص82.

[16]ـ يوربيدس، ميديا، ترجمة كمال ممدوح حمدي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1974، ص20.  

[17]ـ  هدى سيد أحمد ص98،